الرياء
تعريف الرّياء لغةً الرّياء اسم مشتقّ من مصدر الرؤية، والرّياء هو القيام بالأعمال والإتيان بها في سبيل الحصول على إعجاب النّاس، والرؤيا تختلف عن السّمعة التي هي الإتيان بالأعمال ليسمع النّاس بها، وقد يُطلق عليها الرّياء، ويُعرف الرّياء بأنّه مخالفة الأعمال الظاهرة لما هو مخفيّ من النوايا الباطنة، بقصد الحصول على ثناء النّاس وحمدهم وإعجابهم، والأصل أن تكون نيّة الأعمال نيل رضى الله تعالى، ويُقال: فلان راءى النّاس؛ أي أنّه نافق وأظهر أمامهم أعمالاً تخالف الحقيقة التي عليها المنافق
■ ماهي أنواع الرّياء ؟
يحاول العبد أن يحسّن من نفسه أمام الناس، رغبةً في الحصول على الثّناء والإعجاب والحمد، ويسلك العبد عدّة طرق لتحقيق ذلك، منها:
● الرّياء بالبدن؛ ويكون بإظهار التعب والإرهاق والمرض؛ حتى يظنّ النّاس بأنّ ذلك من كثرة العبادات والطّاعات، ويكون أيضاً بإظهار الحزن على الإسلام والمسلمين، وإظهار الخوف من الحياة الآخرة.
● الرّياء بالملابس والهيئة العامة؛ بعدم الاهتمام بالشكل الخارجيّ كعدم الاهتمام بالملابس، وبالمشي في الطريق مع خفض الرأس، وعدم إزالة أثر السجود عن الوجه.
● الرّياء بالأقوال؛ ومنه الرياء في النصح والوعظ والإرشاد، وتعمّد ذكر الله -تعالى- أمام الناس، وإظهار الحزن والأسف عل ارتكاب النّاس للمعاصي والذّنوب والمنكرات، وإظهار العلم أمام النّاس.
● الرّياء بالأعمال؛ القيام بالعبادات بنيّة مراءاة النّاس، ومنه: الإطالة في السجود والركوع، والجهاد في سبيل الله -تعالى- رياءً.
● الرّياء بالأصحاب والزّوار؛ وهو تعمّد زيارة العلماء والدّعاة والشيوخ ليُقال عنه إنه أخذ العلم عن كثير من الشّيوخ والعلماء ويتفاخر بهم.
■ ماهو حكم الرياء في الإسلام ؟
● حكم الرياء في غير العبادات يختلف حكم الرياء في غير العبادة بحسب الغرض المراد منه، فقد يكون مباحاً؛ كما في تحسين الإنسان لمظهره بلبس لباسٍ حسٍن يتجمّل به خشية أن يزدريه الناس، وقد يكون طاعةً؛ كمن يذكر طاعةً يفعلها تشجيعاً وترغيباً للناس بفعلها، وقد يكون مذموماً؛ إذا دعا لأمرٍ محظورٍ شرعًا.
● حكم الرياء في العبادات الرياء في العبادات محرّمٌ مذمومٌ باتفاق أهل العلم، وقالوا بأنّ المرائي يبطل عمله فضلاً عمّا يكسبه من الإثم والخزي في الدنيا والآخرة، ودخول الرياء على العبادة لا يخلو من ثلاث حالاتٍ بيانها آتياً:
● الحالة الأولى: أن يقصد الرياء من أول العمل، فإنّ المسلم إذا كان قصده في فعل العبادة ابتداءً طلب الثناء من الخلق والتقرّب إليهم؛ فإنّ عبادته باطلةٌ، فضلاً عمّا يكسبه من الإثم، كمَن أراد الصلاة بغاية ثناء الناس عليه.
● الحالة الثانية: أن يطرأ الرياء أثناء العمل، ولا يخلو ذلك من أمرَين، هما:
ارتباط أول العبادة بآخرها؛ كمَن أراد أن يتصدّق بخمسين ديناراً فتصدّق بثلاثين وكانت نيته لله وحده، ثمّ طرأ عليها الرياء حينما أراد التصدّق بالعشرين الباقية، فإنّ أهل العلم قالوا بقبول ما كان في الإخلاص والبطلان فيما كان فيه الرياء.
عدم ارتباط أول العبادة بآخرها؛ كالصلاة مثلاً، فإن قصد المصلّي بصلاته التقرّب لله وحده ثمّ طرأ الرياء عليه في آخر ركعةٍ، فبدأ يجمّل بها لأجل ثناء عليه، فإنّ صلاته باطلةٌ لارتباط الصلاة ببعضها أولها بآخرها.
● الحالة الثالثة: أن يطرأ الرياء بعد العمل، فإنّ أهل العلم حكموا بعدم بطلان العمل إذا طرأ عليه الرياء بعد الانتهاء منه؛ لأنّ العبادة تمت صحيحةً بشروطها وأركانها فلا تبطل بعد أدائها إذا طرأ عليها ما يفسد أجرها كالرياء ونحوه.
■ ماهي علامات الرّياء ؟
لا بدّ للمسلم أن يبتعد عن الرّياء وأن يتخلّص منه، وللتخلّص من الرّياء لا بدّ من التعرّف على أبرز علاماته؛ ومنها:
● رغبة الفرد في الظهور والشهرة وتعرّف عليه.
● الكِبر وعدم التواضع للنّاس.
● القيام بالأعمال من أجل النّاس أو خوفاً منهم.
● الاستعجال بالإفتاء في مسائل أحكام الشّريعة الإسلاميّة والتصدّر لذلك.
● الميل إلى مخالفة الآراء وإن كانت صواباً والبُعد عن الرأي المتّفق عليه.
■ كيف يتم التخلص من الرياء ؟
● استشعار العبد مراقبة الله تعالى له، وهو من موجبات تعظيم الله تعالى ومهابته. الاستعانة، واللجوء إلى الله تعالى ودعاؤه للتخلص من هذه الصفة الذميمة، امتثالاً لقوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
● معرفة آثار الرياء، وجزائه الأخروي، حيث يؤدي الجهل بعواقب هذه الصفة إلى تمادي المرء في القيام بها، فمعرفته بأنّها محبطة للأعمال، وموجبة لسخط الله تجعله يبتعد عنها.
● معرفة عقوبة الرياء الدنيوية، وهي فضيحة الله تعالى له، وإظهار مقصده السيء للناس، وهو أحد تفاسير قوله صلى الله عليه وسلّم: (مَن سمَّع سمَّع اللهُ به. ومَن راءَى راءَى اللهُ به).
● فعدم وجود الإخلاص في العمل، وقصد الناس به سبب في تشهير الله به، وإظهار باطنه. الابتعاد عن مواطن إظهار العبادة، وهو أسلَمُ لعمل المرء من الرياء، ومن العبادات التي يُسَنُّ إخفاؤها هي قيام الليل، والصدقة، ونحوها، ولا يدخل فيها ما لا يشرع، أو يمكن إخفاؤه، كصلاة الجماعة ونحوها.
● قلع أصول الرياء، وعروقه التي تشعَّب منها، وهي حبّ المنزلة، والجاه، ودفع ما يخطر للمرء من ذلك، وما يكون إلّا بمجاهدة النفس، وإسقاطها من أعين الناس، والاستخفاف بذمهم، أو مدحهم.
Views: 4