الشاعر زهير بن أبي سلمى
زُهَيْرْ بْنْ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَة بْنْ رَبَاحْ اَلْمَزْنِي اَلْمُضَرِيَّ، (520 – 609 م) أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء وهم: امرؤ القيس وزُهير بن أبي سُلْمى والنابغة الذبياني. وتوفي قبيل بعثة النبي محمد ﷺ بسنة واحدة
نشأة وحياة زُهير بن أبي سُلمى
هو زهير بن أبي سُلْمى، ووالده أبي سُلمى هو ربيعة بن رياح بن عوام بن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هزمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن أُد بن طابخة بن إلياس بن مضر، كُني بأبي سُلمى؛ لأنّ اسم ابنته سُلمى (بضم السين) كان اسماً مميزاً لم تُسمى به غيرها من بنات العرب آنذاك، ويعود نسبه إلى قبيلة مزينة، ومزينة هو اسم أمهم مزينة بنت كلب بن وبرة، وكُنية زهير هي أبي كعب، وقد ولد وترعرع في قبيلة أخواله بني غطفان، في كنف خاله بشامة الشاعر المعروف، وتزوج من ابنته أُمّ أوفى، وولدت له أولاداً ماتوا كلهم، ثمّ تزوج بكبشة بنت عمار الغطفانية، فغارت منها أُمّ أوفى ودفعتها غيرتها إلى إيذاء زهير فطلقها وهو محبٌ لها، وقد ذكرها كثيراً في شعره، وأنجبت كبشة له ثلاثة أبناء هم: كعب، وبجير، وسالم، ومات هذا الأخير في حياة أبيه حيث سقط عن فرسه ودقت عنقه، وقد حزن عليه زهير حزناً شديداً.
لم يستطع المؤخون تحديد تاريخ ميلاد زهير، إلّا أنّهم يرجحون أنّه ولد عام 520م أو عام 530م، مستندين في ذلك إلى تاريخ نَظْمِه لمُعلّقتِه التي أنشأها في مديح سيدين من بني مرة بعد انتهاء حرب داحس والغبراء والتي ترجح الروايات أنّها انتهت بين عامي 608-610م، وقد كان عمر زهير آنذاك ثمانين عاماً بدليل قوله في معلقته:
سَئِمتُ تَكالِيفَ الحَياةَ ومَنْ يَعِـش
ثَمَانِينَ حَولاً لا أَبَا لَـك يَـسأَمِ
شعر زهير بن أبي سلمى
عني قدماء الباحثين والمحدّثين بشرح دواوين زهير بن أبي سلمى، ومن أبرزهم ( الأعلم الشنتمري)، والمستشرق (لندبرغ)، حيث يدور شعر ديوان أبي سلمى في مجمله حول الفخر والمدح ودور الشاعر في الظروف التي أحاطت في حرب السباق، وقد توّجت الحكمة أبيات قصائده بهالةٍ من الوقار التي تعكس الحكمة التي تحلّى بها زهير بن أبي سلمى.
معلومات عن الشاعر زهير بن أبي سلمى
- قيل إن زهير توفى قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بفترة قصيرة، وقيل إنه تنبأ بظهور الإسلام.
- حيث رأى رؤيا في منامه وقال في أخر أيام حياته، (إني لا اشك أنه كائن من خبر السماء بعدي شيء، فإن كان فتمسكوا به وسارعوا إليه).
- وقد لقبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشاعر الشعراء لفصاحة شعره.
- كما كان شديد الإعجاب بزهير لصدقه وذلك لأنه لا يمدح أحدًا إلا بما فيه، ولا يحابي أحدًا بالباطل ولا يقول إلا ما يعرف.
- وقال عنه محمد بن سلام الجمحي صاحب كتاب طبقات فحول الشعراء أنه أكثر الشعراء حكمة، حيث كان شعره بسيط في عباراته وبعيدًا عن سخف الأمور.
- قال عنه العباس بن الأحنف، ألقى زهير عن المديح خير الكلام، كمثل قوله؛
- فما يك من خير أتوه فإنما توارثه آباء آباءهم قبل
- كما وصفه الأحنف بن قيس لمعاوية ابن أبي سفيان بأن زهير بن أبي سلمى هو أشعر الشعراء، وذلك لأنه يختار من الكلام ما هو خير ويترك فضلات الكلام لباقي الشعراء.
- قال عنه ويليام ألكسندر، تميز زهير بن أبي سلمى منذ نعومة أظفاره بنبوغه الشعري.
- كما قال عنه ابن الأعرابي، كان لزهير من الشعر ما لم يكن لغيره، فكان أبوه شاعرًا، وخاله شاعرًا، وأخته الخنساء شاعرة، وأخته سلمى شاعرة.
- وابنه بجير شاعرًا، وابنه كعب شاعرًا وزوج أمه شاعرًا.
وقالت (ليدي آن بلنت) في كتاب لها عن المعلقات السبع مع (فلفريد شافن بلنت) أن شخصية زهير على نقيض شخصية أمرؤ القيس وطرفه. - كذلك عاش زهير عمرًا طويلًا ونال احترام الجميع لحسن أخلاقه وحكمته، بينما عاش أمرؤ القيس وطرفه حياة غير منضبطة ومات في سن الشباب.
معلومات عن ديوان زهير بن أبي سُلمى
حظي ديوان زهير بن أبي سُلمى باهتمام الباحثين والدارسين، فنجد علماء اللغة القدامى أبدوا اهتمامًا بجمعِ مؤلفاتِهِ، فنجد لديوان زهير روايتين مطبوعتين:
رواية الأصمعي البصرية ورواية ثعلب الكوفية،وتمتاز الرواية البصريّة بالتَّشدد فهي لا تروي سوى 18 قصيدة ومقطوعة بينما الرواية الكوفية تضيف عشرات القصائد والمقطوعات.
في المجمل، تصل عدد قصائده إلى (54) قصيدة ومقطوعة، جسدَ فيها صور الحياة الجاهلية، منها ما يأتي:
- أمن أم أوفى دمنة لم تكلمِ: المعلقة، من البحر الطويل، وأبياتها 59 بيتًا.
- صحا القلب عن سلمى، وقد كاد لا يسلو: من البحر الطويل، وأبياتها 41 بيتًا.
- لسلمى بشرقي القنان منازل: من الطويل، وأبياتها 24 بيتًا.
- خشيت ديارًا بالنقيع فثهمد: من الطويل، وأبياتها 44 بيتًا.
- بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا: من البسيط، وأبياتها 33 بيتًا.
- قف بالدِّيار التي لم يعفها القدم: من البسيط، وأبياتها 37 بيتًا.
- هل تبلغني إلى الأخيار ناجية: من البسيط، وأبياتها 13 بيتًا.
- هل في تذكُّر أيام الصبا فند: من البسيط، وأبياتها 32 بيتًا.
- لمن الديار غشيتها بالفدفد: من الكامل، وأبياتها 27 بيتًا.
- أثويت أم أجمعت أنك غادي: من الكامل، وأبياتها 7 أبيات.
- هاج الفؤاد معارف الرسم: من الكامل، وأبياتها 20 بيتًا. غدت
- عذالتاي فقلت مهلًا: وهي قصيدة غزلية من الوافر، وأبياتها 35 بيتًا.
- ألا أبلغ لديكَ بني تميم: من الوافر، وأبياتها 16 بيتًا.
- عفا من آل فاطمة الجواء: من الوافر، وأبياتها 63 بيتًا.
- أمن آل ليلى عرفت الطلولا: من المتقارب، وأبياتها 17 بيتًا.
- وبلدة لا ترام خائفة: من المنسرح، وأبياتها 11 بيتًا.
وفاة زُهير بن أبي سُلمى
توفي زُهير عام 631م أي قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعام، وكان في أواخر عمره أن رأى رؤيا في منامه تنبأ بها بظهورالإسلام، إذ رأى كأنّه حُمِل إلى السماء وعندما اقترب من لمسها بيديه سقط إلى الأرض، فقص رؤياه هذه على ولده عندما كان يُحتَضَر، وقال له: (إنّي لا أشكّ أنّه كائن من خبر السماء بعدي، فإن كان فتمسّكوا به، وسارعوا إليه)، فصدقت رؤياه، وعند بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلم ولده كعب وأنشد قصيدته المشهورة في مدح رسول الله بانت سعاد.
Views: 14