قد عرّف العلماء المعجزة؛ بأنّها أمرٌ على خلاف العادة، يعجز البشر عن الإتيان بمثله، يُظهره الله -تعالى- على يد من يدّعي النبوة عند تحدّيه مع مخالفيه ليُثبت لهم كلامه.
الفرق بين المعجزة والكرامة,
هناك فرق بين المعجزة والكرامة؛ فالمعجزة خاصة بالرسل والانبياء. أما الكرامة فهي خاصة بأولياء الله الصالحين، كرمهم الله بها للدلالة على صحة الطريقة التي يتبعونها. إن المعجزات تبين قدرة الله عز وجل ولا تضاهيها قدرة أحد. والمعجزة تزيد الرسل تأييدنا وتطمئنهم، وتزيد إيمان الناس واقتناعهم بنبيهم وبربهم خالقهم، وكذلك المعجزة تكون حجة الله على خلقه فلو لم تأتهم البينات والادلة لكان حجتهم يوم القيامة بكفرهم أنهم لم يأتهم البلاغ من ربهم، لذا فمن عدل الله تعالى ورحمته إرسال الرسل والانبياء بأدلة وبراهين ومعجزات للناس، ومن ثم يختارون الإيمان بهم أو الكفر ولهم الخيار وعلى الله تعالى الحساب والجزاء.
هذا ولقد تعددّت معجزات الأنبياء والرّسل واختلفت،ومن هذه المعجزات ما يأتي,
معجزة الناقة,
التي أخرجها الله لقوم صالح -عليه السّلام- بناءً على طلبهم، ومن الصخرة التي حدّدوها والمواصفات التي اختاروها، ففعل الله لهم ما طلبوه، قال -تعالى-: (وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ فَيَأخُذَكُم عَذابٌ أَليمٌ).
معجزة النار ,
التي جعلها الله برداً وسلاماً على إبراهيم -عليه السّلام- بعدما أشعلها قومه وألقوه فيها، قال -تعالى-: (قالوا حَرِّقوهُ وَانصُروا آلِهَتَكُم إِن كُنتُم فاعِلينَ*قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ*وَأَرادوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلناهُمُ الأَخسَرينَ).
معجزة عصا موسى,
التي تحولت إلى أفعى تسعى، قال -تعالى-: (وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا موسى*قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى*قالَ أَلقِها يا موسى*فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى*قالَ خُذها وَلا تَخَف سَنُعيدُها سيرَتَهَا الأولى)،ويده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوءٍ، قال -تعالى-: (وَاضمُم يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخرُج بَيضاءَ مِن غَيرِ سوءٍ آيَةً أُخرى).
معجزات سيّدنا عيسى -عليه السّلام-
حين كان يصنع من الطين كهيئة الطير فيكون طيراً بإذن الله، ويمسح بيده عن الأكمه والأبرص فيُشفى، ويُحيي الموتى، قال -تعالى-: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي).
معجزات سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-
وهي القرآن الكريم؛ المعجزة الخالدة، قال -تعالى-: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)،وانشقاق القمر، والإسراء والمعراج وغيرها الكثير من معجزاته -عليه السّلام-.
الحكمة من وجود المعجزات ,
لقد جعل الله المعجزات لأنبيائه ورسله دليلاً على صدقهم، ذلك أنّ دعوى النبوّة لا يُمكن للطبيعة البشريّة أن تتقبّلها من غير دليلٍ، فقد تميّز الأنبياء عن غيرهم بما أظهروه من الأدلّة والبراهين التي أيّدتهم وكانت دالّةً على صدقهم.
ولم تكن هذه الأدلّة مشتركةً بينهم وبين غيرهم من البشر، وإنّما اختصهم الله بها عن غيرهم، وكانت هذه المعجزات خارقةً للعادة، بحيث لم يعتادوا عليها النّاس، لم تكن لأحدٍ من البشر سوى الأنبياء.
Views: 4