عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان, هو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه النبي عبد الرحمن.
ولد عبد الرحمن بن عوف بتاريخ 43 ق.هـ 581م
مكة، تهامة، شبه الجزيرة العربية
وفاة عبد الحرمن بن عوف 32 هـ 653م
البقيع، المدينة المنورة، شبه الجزيرة العربية
وُلد عبد الرّحمن بن عوف بعد عام الفيل بعشر سنين، وكان إسلامه على يد أبي بكر الصديق، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى، ثم هاجر إلى المدينة، وشارك في جميع الغزوات في العصر النبوي، فشهد غزوة بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان، وأرسله النبي على سرية إلى دومة الجندل، وصلى النبي محمد وراءه في إحدى الغزوات، وكان عمر بن الخطاب يستشيره، وجعله عمر في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله صل الله عليه وسلم وهو عنهم راض.» توفى سنة 32 هـ، وصلى عليه عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة.
كان عبد الرحمن تاجرًا ثريًا، وكان كريمًا، حيث تصدَّق في زمن النبي بنصف ماله والبالغ أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفًا، واشترى خمسمائة فرس للجهاد، ثم اشترى خمسمائة راحلة، ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار، وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كبير، وأعتق بعض مماليكه، وكان ميراثه مالًا جزيلًا.
وفاة ولد عبدالرحمن بن عوف
قُتِل أبوه عوَف بالغُمَيْصاء، قتله بنو جَذِيْمَة. ويجتمع نَسَب عبد الرحمن بن عوف مع نَسَب النبي في كِلاب بن مُرّة، وينسب إلى زُهْرة بن كِلاب، وبنو زهرة هم أخوال النبي، فيُقال: القُرَشيّ الزُّهْريّ.
ام عبدالرحمن بن عوف
الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أمها: سلمى بنت عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح، أسلمت وبايعت وكانت من المهاجرات.
اخوة عبد الرحمن بن عوف
عبد الله بن عوف، من سروات قريش وابنه: طلحة بن عبد الله بن عوف، وله عقب بالمدينة.
الأسود بن عوف، وكانت له صحبة، هاجر قبل فتح مكة، وشهد معركة الجمل مع جيش عائشة بنت أبي بكر فقُتِل يومئذٍ، وله عقب منهم جابر بن الأسود بن عوف الذي عينه عبد الله بن الزبير واليًا على المدينة.
عاتكة بنت عوف، أسلمت وبايعت مع أمها الشفاء، تزوجها مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، فولدت له المسور وصفوان الأكبر والصلت الأكبر وأم صفوان.
هالة بنت عوف، كانت تحت بلال بن رباح.
صفات عبد الرحمن بن عوف
وُلِد عبد الرحمن بن عوف في مكة بعد عام الفيل حوالي سنة 581م، فهو أصغر سِنًا من النبي بعشر سنين، وكان اسمه يوم مولده عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، وظل اسمه كذلك في الجاهلية، فلمَّا أسلم سماه النبي عبد الرحمن، وكان يُكنَّى أبا محمد. وكان عبد الرحمن بن عوف – كما تقول زوجته سهلة بنت عاصم – أبيض، أعين، أهدب الأشفار، أقنى، طويل النابين الأعليين، ربما أدمى نابه شفته، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق، ضخم الكتفين. ويقول الواقدي: «كان عبد الرحمن رجلا طوالا، حسن الوجه، رقيق البشرة، فيه جنأ، أبيض، مشربا حمرة، لا يغير شيبه». ويقول ابن إسحاق: «كان ساقط الثنيتين، أهتم، أعسر، أعرج. كان أصيب يوم أحد فهتم، وجرح عشرين جراحة، بعضها في رجله، فعرج.»، ويُروى أن عبد الرحمن كان يُحَرِّم الخمر في الجاهلية.
اسلام عبد الرحمن بن عوف
لقد أسلم عبد الرحمن بن عوف قديمًا، حيث يُعد أحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأَحد الخمسة الذين أَسلموا على يد أَبي بكر، فبعدما أسلم أبو بكر الصديق أخذ يدعو للإسلام، وكان ممن أسلم على يديه عبد الرحمن بن عوف، قال ابن إسحاق: «فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ – يعني أَبي بَكْرٍ – فِيمَا بَلَغَنِي: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَمَعَهُمْ أَبُو بَكْرٍ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَبِمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، فَآمَنُوا وَأَصْبَحُوا مُقِرِّينَ بِحَقِّ الإِسْلامِ، فَكَانَ هَؤُلاءِ النَّفَرُ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الإِسْلامِ، فَصَلَّوْا وَصَدَّقُوا رَسُولَ اللَّهِ – صل الله عليه وسلم – وَآمَنُوا بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»
ومما يُروى أن من أسباب إسلامه مقابلته لعسكلان بن عواكن الحميري الذي كان يُبشر ببعثة النبي، فيقول:
عبد الرحمن بن عوف سافرت إلى اليمن قبل المبعث بسنة، فنزلت على عسكلان بن عواكن الحميري، وكان شيخًا كبيرًا قد أنسئ له في العمر حتى عاد كالفرخ، وهو يقول:
إذا ما الشّيخ صمّ فلم يكلّم وأودى سمعه إلّا يدايا
فذاك الدّاء ليس له دواء سوى الموت المنطّق بالرّزايا
شهدت بنا مع الأملاك منّا وأدركت المواقف في القضايا
فبادوا أجمعين فصرت جلسًا صريعًا لا أبوح إلى الخلايا
وكنت إذا قدمت نزلت عليه فلا يزال يسألني عن مكة وأحوالها، وهل ظهر فيها من خالف دينهم أو لا؟ حتى قدمت القدمة التي بعث النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وأنا غائب فيها، فنزلت عليه فقعد وقد شد عصابة على عينيه، فقال لي: انتسب يا أخا قريش، فقلت: أنا عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، قال: حسبك. ألا أبشّرك ببشارة، وهي خير لك من التجارة؟ قلت: بلى، قال: أتيتك بالمعجبة وأبشرك بالمرغبة، إن اللَّه قد بعث في الشهر الأول من قومك نبيًا ارتضاه صفيّا، وأنزل عليه كتابًا وفيًا، ينهى عن الأصنام، ويدعو إلى الإسلام، يأمر بالحق ويفعله، وينهى عن الباطل ويبطله، وهو من بني هاشم، وإن قومك لأخواله، يا عبد الرحمن، وازره وصدّقه، وأحمل إليه هذه الأبيات:
أشهد باللَّه ذي المعالي وفالق اللّيل والصّباح
إنّك في السّرّ من قريش وابن المفدّى من الذّباح
أرسلت تدعو إلى يقين ترشد للحقّ والفلاح
هدّ كرور السّنين ركني عن مكرّ السّير والرّواح
أشهد باللَّه ربّ موسى أنّك أرسلت بالبطاح
فكن شفيعي إلى مليك يدعو البرايا إلى الصّلاح
فقدمت فلقيت أبا بكر، وكان لي خليطًا، فأخبرته الخبر، فقال: هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه إلى خلقه رسولًا، فأته، فأتيته وهو في بيت خديجة فأخبرته، فقال: أما إن أخا حمير من خواصّ المؤمنين، وربّ مؤمن بي ولم يرني، ومصدّق بي وما شهدني، أولئك إخواني حقا.
وكان المسلمون الأوائل يجتمعون مع النبي في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وبقوا فيها شهرًا، حتى بلغوا ما يقارب أربعين رجلاً وامرأةً، فنزل الوحي يكلف الرسول بإعلان الدعوة والجهر بها. ثم هاجر عبد الرحمن الهجرة الأولى إلى الحبشة، إذ لما اشتد إيذاء قريش للمسلمين، دعاهم النبي للخروج إلى أرض الحبشة مادحًا ملكها أصحمة النجاشي بأنه مَلِكٌ لا يُظلَم عنده أحد، فهاجر عبد الرحمن مع مجموعة من المسلمين في رجب من العام الخامس بعد البعثة، وكانوا أحد عشر رجلًا وأربع نسوة، فخرجوا من مكة حتى وصلوا ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر)، ثم أمَّروا عليهم عثمان بن مظعون، ووجدوا سفينتين، فركبوا مقابل نصف دينار لكل منهم، وعلمت قريش فأسرعت في تعقبهم إلى الساحل ولكنهم كانوا قد أبحروا، ولكن لم يلبثوا في الحبشة طويلًا، حيث عادوا إلى مكة بعد أن وصلتهم إشاعة أن أهل مكة أسلموا، فعاد عبد الرحمن إلى مكة، ولم يذكره المؤرخون فيمن هاجر مرة أخرى إلى الحبشة. ثم هاجر عبد الرحمن مع المسلمين إلى المدينة المنورة، ونزل في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع الأنصاري، وكان فقيرا لا شيء له.
ولمّا قدم النبي للمدينة، آخى بين المهاجرين والأنصار، فآخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فعرض عليه سعد أن يناصفه أهله وماله فقال: «إني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها»، فقال عبد الرحمن: «بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق»، فدلوه على سوق بني قينقاع، فربح شيئًا من أقط وسمن، وتزوج امرأة من الأنصار، وجاء بعد أيام وعليه أثر صفرة، فقال له النبي: «مهيم يا عبد الرحمن» يسأله عن أخباره، فقال: «يا رسول الله تزوجت امرأة من الأنصار»، قال: «فما سقت فيها؟ (أي: ماذا كان مهرها؟)» فقال: «وزن نواة من ذهب»، فقال النبي: «أولِم ولو بشاة». فكان عبد الرحمن يقول: «فلقد رأيتُني ولو رفَعتُ حَجَرًا رجَوتُ أن أُصيبَ تحته ذَهَبًا أو فِضّة.»
عبد الرحمن بن عوف في عهد عمر بن الخطاب
كان لعبد الرحمن بن عوف منزلة كبيرة في عهد عمر، فكان عمر بن الخطاب يستشيره، فلمَّا حدث طاعون عمواس سنة 18 هـ؛ ثم انتشر في بلاد الشام. كان عمر بن الخطاب يريد أن يذهب للشام وقتها، فلما كان بسرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشام، فنصحه عبد الرحمن بن عوف بالحديث النبوي: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فرارًا منه»، فعاد عمر وصحبه إلى المدينة المنورة.
ولمَّا فُتِحَت بلاد فارس سنة 22 هـ، اختلف الصحابة في أخذ الجزية من المجوس، فجاء عبد الرحمن بن عوف وأخبر عمر أن النبي أخذ الجزية من مجوس هجر، فأخذ عمر بشهادة عبد الرحمن، فبعث عمر بن الخطاب كاتبا لجزء بن معاوية: «أن انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية، فإن عبد الرحمن بن عوف أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.»
وفي سنة 23 هـ، استُخْلِفَه عمرُ بن الخطّاب على الحجّ في تلك السنة، فحَجّ عبد الرحمن بالنّاس، وحَجّ مع عمر أيضًا، وهي آخرَ حجّةٍ حَجّها عمرُ سنة ثلاث وعشرين، وأذِنَ عمر تلك السنة لأزواج النّبيّ في الحجّ، فَحُمِلْنَ في الهوادج، وبَعَثَ معهنّ عثمان بن عفّان وعبد الرّحمن بن عوف، فكان عثمان يسير على راحلته أمامهنّ فلا يَدَعُ أحدًا يدنو منّهنّ، وكان عبد الرّحمن يسير من ورائهنّ على راحلته فلا يدعَ أحدًا يدنو منهنّ، وينزلن مع عمر كلّ منزل فكان عثمان وعبد الرّحمن ينزلان بهنّ في الشّعاب فَيُقيلانهن في الشّعاب وينزلان هما في أوّل الشّعب فلا يتركان أحدًا يمُرّ عليهنّ.
عبد الرحمن بن عوف في عهد عثمان بن عفان
في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، كان عبد الرحمن بن عوف يحظى بمنزلة مشابهة لمنزلته في عهد عمر، ففي عام 24 هـ؛ استُخلِفَه عثمان على الحجّ في تلك السنة، فحجّ عبد الرحمن بالنّاس، وكان عبد الرحمن زاهدًا في الإمارة، فقد أرسل سعد بن أبي وقاص إلى عبد الرحمن رجلًا وهو قائم يخطب: «أن ارفع رأسك إلى أمر الناس (أي: ادع إلى نفسك)»، فقال عبد الرحمن: «ثكلتك أمك، إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس.» وكان عثمان يريد أن يُوصي له بالخلافة من بعده، فلمَّا اشتكى عثمان رعافًا، دعا كاتبه حمران فقال: «اكتب لعبد الرحمن العهد من بعدي»، فكتب له، وانطلق حمران إلى عبد الرحمن فقال: «البشرى!»، قال: «وما ذاك؟» قال: «إن عثمان قد كتب لك العهد من بعده.» فقام عبد الرحمن يدعو بين القبر والمنبر فقال: «اللهم إن كان من تولية عثمان إياي هذا الأمر، فأمتني قبله.» فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى مات.
وفاة عبد الرحمن بن عوف
لقد توفي عبد الرحمن بن عوف سنة 32 هـ في خلافة عثمان بن عفان، وقيل سنة 31 هـ والأول أشهر، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وَقيل أنه عاش ثمانيًا وسبعين، وَقيل خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وكان قد أَوصى لمن بقي من أهل غزوة بدر لكل رجل أَربعمائة دينار، وكانوا مائة، فأَخذوها، وأَخذها عثمان فيمن أَخذ: وأَوصى بأَلف فرس في سبيل الله. ودُفِن في البَقِيع، وصلَّى عليه عثمان بن عفان، ويقال الزبير بن العوام، وكان علي بن أبي طالب يقول في جنازته: «أَذْهَبُ عَنْكَ ابْنَ عَوْفٍ، فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا وَسَبَقْتَ رَنْقَهَا.»، وكان سعد بن أبي وقاص فيمن حمل جنازته فكان ممسكًا بقائمتي السرير وهو تحته يقول: «واجبلاه.» ورُوِى أنه أُغمي عليه قبل وفاته، ثم أفاق فقال:
عبد الرحمن بن عوف إِنهُ أَتَانِي مَلَكَانِ فَظَّانِ غَلِيظَانِ، فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ نُخَاصِمْكَ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ، قَالَ: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ تَذْهَبَانِ، فَقَالَا: نُحَاكِمُهُ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ. قَالَ: خَلِّيَا عَنْهُ فَإِنَّهُ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. عبد الرحمن بن عوف
ويوجد في الأردن مقام يُنسَب لعبد الرحمن بن عوف، في منطقة الجبيهة، شمال العاصمة الأردنية عمان. وهذا المقام ليس ضريحًا، بل تِذكارًا يُشير إلى إقامته في هذه المنطقة، أو مرورِه منها، وهو في بلاد الشام.
كرم وثروة عبد الرحم بن عوف
اشتهر عبد الرحمن بن عوف بعظم ثروته وكان أكثر ماله من التجارة، قال أبو عمر: «كان تاجرًا مجدودًا في التجارة، وكسب مالًا كثيرًا، وخلَّف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحًا، فكان يدخل منه قوت أهله سنة.»، ولما كثر ماله قدم له ذات يوم راحلة تحمل البر، وتحمل الدقيق والطعام، فلما دخلت المدينة سمع لأهل المدينة رَجة، وكانت عائشة بنت أبي بكر في بيتها، فقالت: «ما هذا؟» قالوا: «عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف من الشامِ»، ويروى أن ميراثه كان من ذهب يُقسَّم بالفؤوس حتى مجلت يدي الرجال منه، وترك أربع نسوة، أخرجت كل امرأة من إرثها بثمانين ألفًا.
كما اشتهر بكثرة إنفاقه، وكثرت الأخبار في ذلك، منها أنه تصدّق بشطر ماله على عهد النبي، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة، وقد باع يومًا أرضا بأربعين ألف دينار فرّقها جميعًا على أهله من بني زُهرة وأمهات المسلمين وفقراء المسلمين، ورُوى أنه أعتق ثلاثين ألف بيت. فكان طلحة بن عبد الله بن عوف يقول: «كان أهل المدينة عيالًا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثًا.» وحين وفاته أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، فكان الرجل يعطى منها ألف دينار. وأَوصى لمن بقي من أهل غزوة بدر، لكل رجل أَربعمائة دينار، وكانوا مائة، فأَخذوها، وأَخذها عثمان فيمن أَخذ: وأَوصى بأَلف فرس في سبيل الله.
عند الشيعة الاثنا عشرية
لا يختلف موقف الشيعة الاثنا عشرية من عبد الرحمن بن عوف عن موقفهم تجاه العشرة المبشرين بالجنة، حيث يرى الشيعة بطلان حديث العشرة المبشرين بالجنة وينفونه، وأنه وهب الخلافة لعثمان بن عفان لأنه صهره، وانحرف عن بيعة علي بن أبي طالب، كما تروي كتب الشيعة أنه لمّا بايع عليّ عثمانًا أتاه عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه وقال: «إن عثمان أعطانا يده ويمينه ولم تفعل أنت، فأحببت أن أتوثق للمسلمين فجعلتها له. فقال له علي: إيهًا عنك إنّما آثرته بها لتنالها بعده، دقّ الله بينكما عطر منشم» كما يقول الكاشاني أن عبد الرحمن بن عوف قارون هذه الأمة.
زوجات عبد الرحمن بن عوف
أمّ كلثوم بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، هي خالة معاوية بن أبي سفيان، وأمّها بنت حارثة بن الأَوْقَص، تزوجها عبد الرحمن في الجاهلية، فولدت له سالمًا الأكبر.
أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط، أسلمت بمكة وبايعت، ولم يتهيأ لها هجرة إلى سنة 7 هـ في زمن الهدنة بعد صلح الحديبية، فخرج وراءها أخواها الوليد وعمارة فقدما المدينة، وطلبا من النبي أن يردها لهم، فقالت: «أتردني يا رسول الله إلى الكفار يفتنوني عن ديني ولا صبر لي، وحال النساء في الضعف ما قد علمت؟» فنزلت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾، ولم يكن لأم كلثوم بمكة زوج فتزوجها زيد بن حارثة، ثم طلقها، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف؛ فولدت له: إبراهيم، وحميدًا، وإسماعيل، وحَميدة، وأمَةُ الرّحمن، فلما توفي عبد الرحمن تزوجها عمرو بن العاص؛ فتوفيت عنده في خلافة علي.
أم حبيبة بنت جحش، وقيل: حبيبة بنت جحش وقيل بل: أم حبيب بنت جحش، هي بنت عمة النبي محمد، وأخت أم المؤمنين زينب بنت جحش وعبد الله بن جحش، أمها أميمة بنت عبد المطلب، ولَم تلد لعبد الرحمن بن عوف شيئًا.
سَهْلَةُ بنت عاصم بن عديّ، ولدت بحنين يوم فتح مكة، فسماها النبي سهلة، وقال: «سهل الله أمركم»، وضرب لها بسهم، تزوجها عبد الرحمن بن عوف، وأنجبت له مَعْن وعُمَرُ وزيد وأمَةُ الرّحمن الصغرى.
أم حكيم بنت قارظ بن خالد بن عبيد بن سويد بن قارظ، من بني ليث حلفاء بني زهرة، كان عبد الرحمن وليها، فقالت له: «إنه قد خطبني غير واحد فزوجني أيهم رأيتَ.» قال: «وتجعلين ذلك إليَّ؟» فقالت: «نعم.» قال: «قد تزوجتك»، فتزوجها عبد الرحمن وأنجبت له أبا بكر.
ابنة شَيْبَة بن ربيعة بن عبد شمس، تزوجها عبد الرحمن وأنجبت له أم القاسم.
بَحْرِيّةُ بنت هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود بن أبي ربيعة، من بني شيبان، تزوجها عبد الرحمن وأنجبت له عروة الأكبر.
سَهْلَةُ بنت سُهيل بن عمرو، أسلمت قديمًا بمكّة وبايعت، وهاجرت إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا مع زوجها أبي حُذَيْفة بن عُتبة بن ربيعة بن عَبْد شَمْس، ثم تزوجها عبد الله بن الأسود بعد وفاة أبي حذيفة، ثم تزوجها شمّاخ بن سعيد بن قائف، ثم تزوجها عبد الرحمن بن عوف وولدت له سالم الأصغر.
ابنةُ أبي الحَيْسَر بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، من الأوس من الأنصار، هي أول من تزوج عبد الرحمن بعد هجرته إلى المدينة، حين أصدقها بنواة من ذهب فقال له النبي: «أولم ولو بشاه!»، وأنجبت له عبد الله.
تُماضرُ بنت الأصبغ، هي ابنة الأَصْبَغ بن عَمْرو ملك بني كلب، تزوجها عبد الرحمن بن عوف بأمر من النبي حين بعثه على سرية إلى دومة الجندل، فكانت أول كلبية يتزوجها قرشي، وأنجبت له أبي سلمة، طلقها قبل وفاته، ثم تزوجها الزبير بن العوام.
أسماء بنت سلامة بن مُخَرّبَةَ بن جندل بن نهشل بن دارم، أنجبت له عبد الرحمن.
أمّ حُريث، من سبيِ بَهْرَاءَ، أنجبت له مُصْعَب وآمنةُ ومريم.
مَجْدُ بنت يزيد بن سلامَة ذي فائش الحمْيَرِيّة، أنجبت له سهيل.
غزال بنت كسرى، أمّ ولَدٍ من سبى سعد بن أبي وقّاص يومَ المدائن، أنجبت له عثمان.
زينب بنت الصبّاح بن ثعلبة بن عوف بن شبيب بن مازن، مِنْ سبي بَهْرَاءَ أيضًا، أنجبت له أم يحيى.
باديةُ بنت غيلان بن سَلَمَةَ بن مُعتِّبِ الثَّقَفيّ، أنجبت له جويرية.
اولاد عبد الرحمن بن عوف الذكور
- سالم الأكبر، وأمه أمّ كلثوم بنت عُتبة بن ربيعة، ولد في الجاهلية ومات قبل الإسلام.
- محمد، وأمه أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط، ولد على عهد النبي، وبه يُكنى والده.
- إبراهيم، وأمه أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط، تابعي، وأحد رواة الحديث النبوي، كان إبراهيم من المدافعين عن عثمان بن عفان حين حوصر في داره. توفي سنة 96 هـ.
- حميد، وأمه أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط، تابعي، وأحد رواة الحديث النبوي، توفي سنة 95 هـ، قال الذهبي: «كان فقيهًا، نبيلاً، شريفًا»، قال الواقدي: «كان ثقة، كثير الحديث».
- إسماعيل، وأمه أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط.
- مَعْن، وأمه سَهْلَةُ بنت عاصم بن عديّ.
- عُمَرُ، وأمه سَهْلَةُ بنت عاصم بن عديّ.
- زيد، وأمه سَهْلَةُ بنت عاصم بن عديّ.
- عروة الأكبر، وأمه بَحْرِيّةُ بنت هانئ بن قبيصة، قُتل يوم فتح إفريقية.
- سالم الأصغر، وأمه سَهْلَةُ بنت سُهيل بن عمرو، قُتل يوم فتح إفريقية.
- أبو بكر، وأمه أمّ حكيم بنت قارظ.
- عبد الله، وأمه ابنةُ أبي الحَيْسَر بن رافع بن امرئ القيس، كنيته أبو عثمان، قُتل يوم فتح إفريقية.
- أبو سلمة، وهو عبد الله الأصغر، وأمه تُماضرُ بنت الأصبغ، تابعي، وأحد رواة الحديث النبوي، وأحد فقهاء المدينة السبعة من التابعين، حين تولّى سعيد بن العاص إمرة المدينة في ولايته الأولى سنة 48 هـ، اختار أبا سلمة قاضيًا عليها، فظل على قضائها إلى أن عُزل سعيد سنة 54 هـ.
- عبد الرحمن، وأمه أسماء بنت سلامة بن مُخَرّبَةَ.
- مصعب، وأمه أمّ حُريث من سبيِ بَهْرَاءَ، تابعي، وأحد رواة الحديث النبوي، وكان ثقة قليل الحديث، قُتِل مصعب في حصار مكة مع عبد الله بن الزبير في سنة 64 هـ.
- سهيل، وهو أبو الأبيض، وأمه مَجْدُ بنت يزيد بن سلامَة.
- عثمان، وأمه غزال بنت كسرى أمّ ولَدٍ من سبى سعد بن أبي وقّاص يومَ المدائن.
- عروة الأصغر، وأمه أم ولد مبهمة.
- يحيى، وأمه أم ولد مبهمة.
- بلال، وأمه أم ولد مبهمة.
بنات عبد الرحمن بن عوف
- أم القاسم، وأمها بنت شَيْبَة بن ربيعة ابن عبد شمس، وُلدت في الجاهليّة قبل الإسلام.
- حميدة، وأمها أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط.
- أمة الرحمن، وأمها أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط.
- أمة الرحمن الصغرى، وأمها سَهْلَةُ بنت عاصم بن عديّ.
- آمنة، وأمها أمّ حُريث من سبيِ بَهْرَاءَ.
- مريم، وأمها أمّ حُريث من سبيِ بَهْرَاءَ.
- أم يحيى، وأمها زينب بنت الصبّاح بن ثعلب.
- جُويرية، وأمها باديةُ بنت غيلان بن سَلَمَةَ.
Views: 0