لقد جمع المسلمون ما توارثوه عن الصحابة رضوان الله عليهم من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت بكتب الشمائل، وأشهر هذه الكتب هو «الشمائل المحمدية»، للترمذي. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه، وكان مما جاء فيه مفرقًا:
صفات الرحمة عند رسول الله,
الرّحمة كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- رحيماً بأمّته، يتوجّه إلى الله -تعالى- بالدُّعاء للمُسلمين بالنّجاة باكياً، ومن مظاهر رحمته بأمّته؛ أنّه نهى عن السؤال عن الأمور المسكوت عنها؛ لئلا تُفرض على الأمّة، فتترك ذلك الأمر، فيكون سبباً في هلاكها، وكان رحيماً بالمرأة، وأوصى بها خيراً، وتحمّل كثرة كلام النّساء معه، وارتفاع صوتهنّ أمامه، وكان رحيماً بالأطفال؛ يُشفق عليهم، ويُقبّلهم، ويُخالطهم، ويتحبّب إليهم.
صفات رسول الله الخلقية,
جسمه: كان فخمًا مفخمًا، مربوعًا ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب، ولم يكن يماشي أحدًا إلا طاله. وقد كان أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالأسمر.
رأسه وشعره: كان ضخم الرأس، عظيم الهامة، شديد سواد الشعر، ولم يكن شعره شديد الجعودة ولا مرسل، بل كان فيه تثن قليل. وقد كان كثّ اللحية، تُوفي وليس في رأسه ولحيته 20 شعرة بيضاء،
ذراعاه ويداه: كان طويل الذراعين كثيرا الشعر، رحب الراحة غليظ الكفين والقدمين، طويل الأطراف، ضخم المفاصل.
إبطاه: كان أبيض الإبطين، وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
منكباه وصدره وبطنه: كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
خاتم النبوة: هي غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة، أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات نبوته بحسب المسلمين.
وجهه وجبينه: كان مستو الوجه سهل الخدين، ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، وكان واسع الجبين مستويًا.
عيناه وحاجباه: كان طويل شِق العينين، شديد سواد العينين، في بياضها حمرة، وكانت عيناه واسعتين ذات أهداب طويلة كثيرة. وكان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، بينهما عرق يدرّه الغضب.
أنفه: كان أنفه مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة في أرنبته (طرف الأنف).
فمه وأسنانه: كان واسع الفم، في أسنانه رقة وتحدد، يقول واصفه «إذا تكلّم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه».
قدماه: كان ضخم القدمين، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)، وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَقِب)
صفات الصدق عند رسول الله,
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر الناس صِدْقاً، وعُرف بين قومه بالصَّدْق، دون أن يشكّ أحداً بِصدقه، وقال عنه هِرَقل عظيم الرّوم باستحالة كَذبه على الله؛ لأنّه لم يكذب على الناس قطّ، وذكر عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان أصدق الناس في كلامه، وقال ابن القيّم -رحمه الله-:
“أصدق الناس لهجةً، هذا ممّا أقر له به أعداؤه المحاربون له، ولم يجرّب عليه أحدٌ من أعدائه كذبةً واحدةً قطّ، دع شهادة أوليائه كلّهم له به، فقد حاربه أهل الأرض بأنواع المحاربات، مشركوهم وأهل الكتاب منهم، وليس أحدٌ منهم يوماً من الدَّهر طعن فيه بكذبةٍ واحدةٍ، صغيرةٍ ولا كبيرةٍ“.
كما اتّصف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالأمانة، في جميع أُمور حياته، سواءً قبل البعثة أو بعدها، فقد أطلق عليه قومه لقب الأمين قبل بعثته، وكان الحكم بين قبائل قريش حينما اختصموا في وَضْع الحجر الأسود، كما أنّ زواجه من أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- كان لأمانته، إذ كان يعمل قبل البعثة بالتجارة، وعُرف بين التُّجار بأمانته، وصِدْقه بالحديث، وأخلاقه الحميدة، ومن أمانته بعد البعثة؛ تبليغه للرسالة التي كلّفه الله -تعالى- بها كاملةً، وتحمّل وعانى التعب والمشقّة في سبيل تبليغ الرسالة، وكان حريصاً على أداء الأمانة، وإرجاع الودائع إلى أصحابها، فقد كانت قريش تضع أماناتها عنده.
صفات الصبر عند رسول الله,
الصَّبْر صَبَر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صبراً عظيماً، إذ صَبَر على أذى المُشركين، واتّهاماتهم له بالكذب، والسَّحر، والكهانة، وقد ثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: (بيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَاجِدٌ، وحَوْلَهُ نَاسٌ مِن قُرَيْشٍ، جَاءَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ بسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ علَى ظَهْرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ فأخَذَتْهُ مِن ظَهْرِهِ، ودَعَتْ علَى مَن صَنَعَ)، وصَبَر كذلك على المُنافقين، وعلى فَقْد الأولاد والأحباب؛ إذ مات عمّه أبو طالب، وماتت زوجته خديجة، وماتوا جميع أولاده في حياته إلّا ابنته فاطمة، وقُتِل عمّه حمزة بن عبد المُطّلب.
Views: 2