قصة مثل شعبي
تروى قصة هذا
المثل إن غداً لناظره قريب
ان أول من قال هذا الكلام “قراد بن أجدع “.
وذلك زمن النعمان بن المنذر حيث خرج يتصيد على فرسه/ اليحموم / فأجراه على أثر عير له فذهب به الفرس في الأرض ولم يقدر عليه .
و انفرد عن أصحابه و أخذته السماء ، فطلب ملجأً يلجأ إليه ، فدفع إلى بناء فإذا فيه رجل من قبيلة طيء يقال له حنظلة ومعه امرأة له .
فقال لهما : هل من مأوى ؟ فقال حنظلة : نعم .
فخرج إليه فأنزله ، ولم يكن للطائي غير شاة وهو لا يعرف النعمان ، فقال لزوجته : أرى رجلاً ذا هيئة وما أخلقه أن يكون شريفاً خطيراً ، فما الحيلة او بمعنى ما العمل
قال : فأخرجت المرأة الدقيق فخبزت منه قليلا من الهلز ، وقام الطائي إلى شاته فاحتلبها ثم ذبحها ، فاتخذ من لحمها مرقة و أطعمه من لحمها و سقاه من لبنها . و سقاه شرباً و بقي يحدثه بقية ليلته.
فلما أصبح الصباح قام النعمان و لبس ثيابه و ركب فرسه ثم قال : يا أخا طيء أطلب ثوابك ، أنا الملك النعمان . فقال الرجل : أفعل إن شاء الله .
ثم لحق الخيل فمضى نحو الحيرة ، ومكث الطائي بعد ذلك زماناً حتى أصابته نكبة وجهد وساءت حاله .
فقالت له امرأته : لو أتيت الملك لأحسن إليك .
من قال إن غداً لناظره قريب
فأقبل حتى انتهى إلى الحيرة فوافق يوم بؤس النعمان ، فإذا هو واقف في خيله في السلاح ، فلما نظر إليه النعمان عرفه واستاءه مكانه ، فوقف الطائي المنزول به بين يدي النعمان .
فقال له : أنت الطائي المنزول به ؟ قال : نعم . قال : أفلا جئت في غير هذا اليوم ؟ قال : وما كان علمي بهذا اليوم .
قال : والله لو سنح لي في هذا اليوم قابوس ابني لم أجد بداً من قتله ، فاطلب حاجتك من الدنيا وسل ما بدا لك فإنك مقتول .
قال : وما أصنع بالدنيا بعد نفسي ؟ قال النعمان : إنه لا سبيل إليها . قال : فإن كان لا بد فأجلني حتى ألم بأهلي فإذا وصلت إليهم أوصي لهم وأهيء حالهم ثم أنصرف إليك .
قال النعمان : فأقم لي كفيلاً بموافاتك . فالتفت الطائي إلى شريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان وكان يكنى أبو الحوفزان وكان صاحب الردافة .
والردافة اي أن يجلس الملك والردف على يمينه فإذا شرب الملك شرب الردف قبل الناس وإذا غزا الملك قعد في موضعه وكان خليفته على الناس .
فطلب منه الطائي كفالته فأبى شريك أن يتكفل به ، فوثب إليه رجل من كلب يقال له قراد بن أجدع . فقال للنعمان : هو علي . قال النعمان : أفعلت ؟ قال : نعم .
فضمنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقة ، فمضى الطائي لأهله وجعل الأجل حولاً من يومه إلى مثله من قابل .
فلما حال عليه الحول وبقي من الأجل يوم ، قال النعمان لقراد : فإن يك صدر هذا اليوم ولى فإن غداً لناظره قريب .
يوم بؤس النعمان
فلما أصبح النعمان ركب في خيله ورجله متسلحاً كما كان يفعل حتى أتى الغريين ، فوقف بينهما . والغرييان هما بناءان مشهوران بالكوفة وأخرج معه قراداً وأمر بقتله .
فقال له وزراؤه : ليس لك أن تقتله حتى يستوفي يومه . فتركه .
وكان النعمان يشتهي أن يقتل قراداً ليفلت الطائي من القتل ، فلما كانت الشمس تجب
وقراد قائم مجرد في إزار على النطع والسياف على جنبه ، أقبلت امرأته وهي تقول :
أيا عين بكي لي قراد بن أجدعا رهيناً لقتل لا رهيناً مودعا
أتته المنايا بغتة دون قومه فأمسى اسيراً حاضر البيت أضرعا
فبين هم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد ، وقد أمر النعمان بقتل قراد ، فقيل له : ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو .
فكفّ حتى انتهى إليهم الرجل ، فإذا هو الطائي .
فلما نظر إليه النعمان شق عليه مجيئه وقال له : ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل ؟ قال : الوفاء . قال : وما دعاك إلى الوفاء ؟ قال : ديني .
قال النعمان : وما دينك ؟ قال : النصرانية . قال النعمان : فاعرضها علي . فعرضها عليه فتنصر النعمان وأهل الحيرة أجمعون .
وكان قبل ذلك على دين العرب ، وكان كل ذلك قبل مجيء الإسلام .
فترك القتل منذ ذلك اليوم ، وأبطل تلك السنة وأمر بهدم الغريين . وعفا عن قراد والطائي وقال : والله ما ادري أيهما أوفى وأكرم .
أهذا الذي نجا من القتل فعاد ، أم هذا الذي ضمنه . والله لا أكون ألأم الثلاثة .
Views: 2