العناد والعصبية عند الأطفال
تُعدّ حالة العناد والعصبية عند الأطفال من أنواع السلوك المضطّرب، والتي تنمّ عن مشاعر النّفور والكراهية من الطفل للأشخاص المحيطين به، وقد يصدر هذا السلوك من الطفل عن وعي وإرادة، أو دون وعي فتكون تصرفاته على شكل عادة يمارسها، ويحتاج الطفل العنيد والعصبي من التربويين الاهتمام والعناية القصوى وعدم الاستسلام، بل الإسراع في علاج هذا السلوك، إلى جانب عدم تعويده على نيل مطالبه بكثرة البكاء والإلحاح، ويجب ألّا يتجذّر هذا السلوك في نفس الطفل، وألّا يُكوّن تصوّراً في ذهنه بأنّ جميع أفراد الأسرة هم رهن أهوائه ورغباته، لذلك فإنّ على الوالدين ترويض الطفل على طاعتهما، ومساعدته على كسب شخصية محبّبة بين الناس في المستقبل.
قد ينتقل سلوك العناد والعصبية بين الأطفال، إذ من الممكن أن يصبح الطفل العنيد مثالاً يُقتدى به من قبل الأطفال الآخرين، وتجدر الإشارة إلى انّ عصبية الطفل قد تنتج عن ضيق يشعر به، أو توتّر يُصيبه اتّجاه مشكلةٍ ما أو موقف مرّ به، ومن مظاهر العصبية لدى الطفل:
الصراخٍ الشديد، أو المشاجرات مع أقرانه، ومع من يُحيطون به كإخوته ووالديه، أو قضم الأظافر، أو مصّ الأصابع، أو إصراره على ما يريده وبشدة.
• بعض النصائح التي تساعدنا على التعاطف مع الطفل العنيد، حسب تقرير الكاتبة لولا روفاتي، النابع من تجربتها مع ابنتها، والذي نشر بمجلة “بيبيس إي ماس” الإسبانية:
النظر في عينيه
أول شيء عليك القيام به هو الحفاظ على التواصل البصري مع طفلك، من خلال النزول لمستواه والنظر في عينيه، حيث يعرف ذلك باسم “الاستماع الفعال”. ويمكن أن يفتح هذا الإجراء البسيط باب التواصل مع طفلك، خاصة عندما تكون بنفس مستواه لمساعدته. لذلك، حاول اكتشاف ما يثير غضبه أو انزعاجه ثم اسع لحله.
التحقق من مشاعره
نسارع غالبا للتوبيخ أو إصدار الأحكام عندما يكون ما يهم حقا هو ما يشعر به الطفل. لذلك، عبري عن تعاطفك مع طفلك وعن قبول ما يقوله من خلال تحريك رأسك، وضعي نفسك مكانه. اجعليه يعرف أنك تفهمين مشكلته، وأنك دائمة التواصل معه لمعرفة احتياجاته.
القدرة على التوقع
مع مرور الوقت -تقول الكاتبة- أدركت أن لحظات الإحباط التي تمر بها ابنتي كانت في كثير من الأحيان تتعلق بنا. لقد كنا نغير خططنا كل دقيقة وهو ما ولّد لديها شعورا بانعدام الأمان.
لذلك، تحدثي لطفلك بشأن ما ستفعلونه اليوم أو غدا، أو في عطلة نهاية الأسبوع، وحاولي الحفاظ على هذا النسق. وإذا كانت هناك تغييرات اشرحيها له مقدما، لأن المفاجأة يمكن أن تؤدي إلى إصابتهم بأزمات عاطفية.
توفير بيئة داعمة
المرور بحالات غضب أمر لا مفر منه أحيانا، بل إن القيام بذلك جيد. إلا أنه يصبح مرهقا وسلبيا عندما ينفجر الطفل بسبب أي موقف لا تعرف الأمهات كيفية معالجته.
ستحدث مواقف قد ينفجر فيها طفلك، ولكن ينبغي أن توفر له بيئة داعمة وعاطفية. وإذا كان صغيرا في السن، حاول الاقتراب منه وعانقه. أما إذا كان أكبر سنا ولا يريد أن تحضنه، فحاول أن تظهر له أنك دائما على استعداد لدعمه والوقوف إلى جانبه.
الاتفاق مع طفلك
الاتفاق مع الأطفال الصغار يعمل عادة بشكل جيد. فعلى سبيل المثال، قل له “نحن ذاهبون للحديقة”، وأكمل الجملة بقولك “هل أنت موافق؟ حسنا؟” ليكون هذا شكلا من أشكال الاتفاق.
إضافة إلى ذلك، تجنبنا غالبا التفسيرات التي نقوم بشرحها بشكل جيد العديد من نوبات الغضب. فرغم أن الأطفال صغار، فإن هناك أشياء يمكنهم فهمها جيدا. فعلى سبيل المثال، يمكن أن نقول لهم “أنا أفهم أنك تريد حقا الذهاب إلى الحديقة للعب. وسنفعل ما تريد، ولكن علينا أولا الذهاب لشراء طعام العشاء، وإلا سنعود للمنزل ولن يكون هناك طعام”.
تنفس مع طفلك
التنفس يعد آلية رائعة لطمأنة الطفل، ويمكن القيام بذلك في أي وقت. وفي حال رأيت أن طفلك انفجر أو على وشك أن ينفجر، ابحث عن مكان منعزل وساعده على التنفس حتى يهدأ، كما بإمكانك اللجوء لما يسمى 5-2-6، أي أن استنشق الهواء وأن أحصي إلى رقم خمسة، وألا تتنفس لمدة ثانيتين وأخرج الهواء بعد أن أعد للرقم ستة.
أشياء تصرف انتباهه
يمكن أن تشتت أغنية مفضلة لديه أو العد للرقم عشرة أو أي تقنيات أخرى انتباه طفلك عن شيء ما. وتعمل هذه الطرق -إضافة إلى التنفس- على منع غضب الطفل أو نوبات البكاء أو الغضب التي تنتابه. لكن بمجرد طمأنة الطفل يجب التحدث عن النزاع وإيجاد حل له.
امنحه وقتا
عندما تنتاب الطفل موجة غضب شديدة، يجب إتاحة الوقت له ليهدأ قبل الحديث عما يزعجه. وفي هذه الحالة، يتعين عليك التعاطف معه والتحقق من صحة عواطفه، لكن حاول التحدث معه في وقت لاحق في المنزل وتهدئته. وبعد سويعات ستلاحظ الفرق.
دغدغة الطفل وتقبيله
لا يقبل كل الأطفال طريقة اللعب هذه على حد سواء، بل إنها تثير غضب الكثيرين منهم. وهناك حالات تكون فيها الدغدغة أو القبلات ذات تأثير فعال. ويمكن أن تكون أسلوبا جيدا لإلهائه. وبطبيعة الحال، ينبغي معرفة متى يجب تطبيقها.
حدد أسماء لعواطف طفلك
بمجرد تخطي لحظة الانفجار، التي يمكن أن تكون نوبات غضب أو بكاء أو أزمة قلق أو أي أسلوب يستخدمه الطفل للتعبير عن غضبه، فالشيء الأكثر أهمية يتمثل في تحديد اسم لتلك المشاعر التي جعلته يقوم برد فعل. وينطبق هذا على الأطفال الصغار أو الأكبر سنا، وبكلمات يمكنهم فهمها وفقا لسنهم.
وستبدأ بأبسط المشاعر مثل الغضب أو الحزن أو السعادة، ثم ستضيف المزيد من المشاعر المعقدة من قبيل الإحباط وخيبات الأمل.
ويكمن الهدف من التعاطف مع الطفل، ودعمه ومساعدته على التعبير وإدارة عواطفه بشكل أفضل، على أمل أن تساعد هذه النصائح بشكل عام جميع الأمهات، خاصة أولئك اللائي لديهن أطفال عاطفيون بشكل مفرط.
طريقة معاملة الطفل العصبي
إيجاد وسائل لتهدئة الطفل يلجأ الطفل إلى تفريغ شعوره بالغضب عن طريق الصراخ، ورمي الأشياء، وغيرها من التصرّفات الخاطئة، وينبغي توجيهه للانشغال بشيء معيّن إذا شعر بالغضب لمساعدته على استعادة هدوئه، حيث يُنصح بإيجاد عدد من الوسائل التي يُمكن الاتفاق عليها بين الأهل والطفل لتكون وسائل للتهدئة حتّى يشعر الطفل بمسؤوليته في السيطرة على انفعاله، ومن هذه الوسائل كتب التلوين، أو قصة ممتعة، أو لعبة الطفل المفضلة، وغيرها.
تعليم الطفل التحكّم بالغضب
يوجد عدد من المهارات التي تُساعد الشخص على إدارة غضبه، والسيطرة على الانفعال، واستعادة الانضباط والتوازن، حيث يُمكن تعليم الطفل هذه المهارات لاستخدامها أثناء نوباته العصبيّة وتدريبه باستمرار على إتقانها حتّى يستفيد منها. ومن هذه التقنيات أخذ نفس عميق، والعدّ، وتكرار العبارات الإيجابيّة التي تحسّن المزاج، والقيام برياضة المشي، وغيرها.
تنمية الذكاء العاطفي للطفل
من الضروريّ تنمية الذكاءِ العاطفيّ لدى الطفل، فهو وسيلة تُساعده على تجاوز غضبه بالتعبير عنه بالكلمات بدلاً من الانفعال والغضب، ويُمكن تنمية هذا الجانب من خلال الاستماع للطفل عندما يشعر بالانزعاج من أمر ما، إذ يجب أن يدرك أنّ كلّ مشاعره مقبولة وعليه التعبير عنها، وتعليمه بأن يتقبّل مشاعره وألّا يخشاها لأنّ ذلك يُمكّنه من السيطرة عليها، وعلى الأهل في المقابل تفهّم هذه المشاعر وتقديم المساعدة لأطفالهم حتّى يتجاوزوا مشاعرهم السلبيّة، بدلاً من قمعها أو السخرية منها أو التقليل من شأنها.
عدم الاستسلام
قد يستجيب الوالدان لطلبات الطفل ورغباته إذا عبّر عنها بأسلوب عصبيّ، وقد يميلون للتفاوض مع الطفل الغاضب حتّى لو كان مخطئاً، إذ يتعرّض البعض لارتباك عاطفيّ أمام مشاعر الطفل الغاضبة، وقد يكونون غير قادرين على إدارة عواطفهم، لذا يلجؤون لاختصار الموقف بالاستسلام، وهو أمر غير مقبول لأنّ الطفل سيعتمد على أسلوبه العصبيّ كلّما أراد الحصول على شيء، وسيتمادى في عصبيّته فيُصبح فظّاً؛ لذلك يجب عدم الاستسلام أمام نوبات غضب الطفل، والاستجابة لها بالهدوء، وعدم الجدال، مع الإصرار على الأمر الصائب.
الهدوء
تؤدّي الاستجابة لغضب الطفل بالصراخ والانفعال إلى زيادة الموقف سوءاً؛ لأنّ الطفلَ سيشعر أنّ عليه بذل جهد أكبر لمحاولة استعادة السيطرة، لذا ينبغي المحافظة على الهدوء والانتباه لردود الأفعال الجسديّة، لأنّ ذلك يُعزّز من موقف البالغ ويجعله أكثر سيطرةً على الموقف، كما تُساهم قوّة شخصيّة الوالدين باتّزانهما في الاستجابة لغضب الطفل في مساعدة الطفل على التحكّم بغضبه، كما يجب عدم تحدّي الطفل الغاضب لأنّه لا يمتلك قدرات التفكير والسيطرة على النفس كالكبار، إذ يُنصح بالاستعانة بأسلوب التفاهم بعيداً عن التوتر.
الحفاظ على التواصل
يشعرُ الأهل بالضيق عندما يتصّرف طفلهم بصورةٍ عصبيّةٍ، فبدلاً من مساعدته يُرسلونه إلى غرفته حتّى يهدأ مع نفسه، ممّا يولّد لدى الطفل مشاعر الخيبة، والوحدة، والعجز، إذ يجب على الوالدين الحفاظ على التواصل مع طفلهم أثناء غضبه، من خلال الاستماع إليه وإظهار التفهم والتعاطف معه، فذلك يُساعده على السيطرة على نفسه بطريقة صحيحة بدلاً من مقاومته لمشاعره الكبيرة والمُخيفة بالنسبة له لوحده، وسيُصبح الطفل أقدر على ضبط نفسه والتعامل مع مشاعره في المرّات اللاحقة.
تجنب مسببات العصبية
يُظهر الطفل غالباً مشاعر العصبيّة في أوقات محددة، فقد تنتابه نوبات من الغضب أثناء حلّ الواجب المنزليّ، أو عندما يُطلب منه الخلود للنوم، أو عندما يحين وقت التوقّف عن اللعب، أو إذا طلب منه أحد والديه فعل شيءٍ لا يرغب به، فتكون ردّة فعله متنبّأ بها قبل وقوعها، ويُمكن تجاوز مسبّبات العصبيّة هذه من خلال اتّباع أسلوب التوجيه قبل إلقاء الأوامر، وإعداد الطفل للموقف قبل وقوعه، أو منحه مهلة زمنيّة قبل طلب الشيء منه، أو تقسيم المهمّات المطلوبة من الطفل، وغيرها من الوسائل التي تُجنّب الطفل شعوره بالعصبيّة.
العقاب الفعّال
ينبغي على الوالدين اتخاذ عقوبة مناسبة للطفل عندما يرتكب تصرّفاً خاطئاً بسبب عصبيّته؛ كالتصرّف بشكلٍ عداونيّ أو غير مهذّبٍ، مع ضرورة الالتزام بتنفيذ العقوبة في كلّ مرّة يُخطئ فيها حتّى يتمكّنان من ضبطِ تصرّفاته، ويجب أن تكون العقوبة التي يفرضها الوالدان فعّالةً في تربيةِ الطفل وغير مبالغٍ بها، مثل: سحب بعض الامتيازات منه، أو إصلاحه لما تسبّب بخرابه بسبب عصبيّته، وغيرها من العقوبات التي توعّي الطفل.
تجنب تصعيد الموقف
يؤدّي استخدام أسلوب فرض العقوبات القاسية على الطفل بسبب عصبيّته إلى نتائج سلبيّةٍ، فإذا فرض أحد الوالدين على الطفل عقوبةً ما إذا لم يُنفّذ ما يقوله، قد يستجيب الطفل له بالعناد والاستمرار بعصبيّته، بل وتزداد عصبيّته بسبب شعوره بالظلم، فيتصعّد الموقف ويفقد الوالدان السيطرة عليه، وقد لا يتمكّن من تنفيذ العقوبة فيظهر بصورةٍ ضعيفةٍ أمام طفله؛ لذلك يجب عدم التمادي في فرض العقوبات، ومحاولة تهدئة الطفل وتعليمه السيطرة على مشاعره.
تشكيل القدوة الحسنة
يعكس سلوك الأطفال تصرّفاتِ آبائهم، فهم يُقلّدون الأشخاص الذين يعتبرونهم قدوةً لهم، فإذا كان أحد الوالدين يتصرّف بعصبيّةٍ عندما تضطرب الأمور، فإنّ الطفل سيتصّرف بالمثل إذا تعرّض لموقفٍ مشابه؛ لذا يجب على الوالدين أن يُشكّلا قدوة حسنة لأطفالهم وأن يُحاولا السيطرة على تصرّفاتهم أمامهم؛ حتّى يتمكّن الأطفال بدورهم من السيطرة على أنفسهم.
أسباب عصبية الطفل
يرتبط تصرّف الطفل بصورة عصبيّة بالعديد من الأسباب والعوامل منها ما يأتي:
تأثير بيئة المنزل: قد يكتسب الطفل سلوكه العصبيّ من منزله، حيثُ يتأثّر الطفل برؤية الجدال والعصبيّة بين أفراد عائلته.
التعرّض للقلق والتوتر: إذا شعر الطفل بالتوتر الشديد، أو القلق، أو الخوف بسبب شيءٍ ما، فإنّه يُعبّر عن مشاعره بالعصبيّة.
الضغوط: قد تتسبّب الضغوط التي يتعرّض لها الطفل بنوبات من العصبيّة؛ كضغط الامتحانات، والواجبات المدرسيّة، وغيرها.
العلاقات الاجتماعيّة: يُمكن أن يمرّ الطفل ببعض المشاكل في تكوين صداقات في حياته فيتعرّض للضغط والإحباط ويُعبّر عن ذلك بالعصبيّة.
التعرّض للتنمّر: إذا تعرّض الطفل للتنمّر من أقرانه أومن قبل أشخاص بالغين فإنّ نتائج ذلك تظهر على شكل سلوكٍ عصبيٍّ لدى الطفل.
التغيّرات الهرمونيّة: يتعرّض الطفل للتغيّرات الهرمونيّة وخصوصاً خلال فترة المراهقة، وقد تؤثّر هذه التغيّرات على سلوكه فيصبح عصبيّاً.
Views: 0