طرق التعامل مع أطفال التوحد
يعّرف اضطرابات طيف التوحد، أو الطيف التوحديّ، أو التوحد اختصاراً، أو كما يُطلق عليه أيضاً الذواتية (بالإنجليزية:Autism spectrum disorder) على أنه اضطراب مرتبط بعملية تطور النمو العصبي للدماغ والتي تؤثر في طريقة تواصل الشخص المصاب مع الآخرين وقدرته على الإدراك بصورة طبيعية،
وفي سياق الحديث يجدر التنويه إلى أنّ مسؤولية العناية بالطفل المصاب بالتوحد لا تقع على الوالدين فحسب بل يجب أن تتوزع على جميع أفراد الأسرة، وذلك لتخفيف الضغط النفسي الذي سيتولد على الآباء بالرغم من أن المسؤولية الأكبر والأهم ستبقى عليهم، فالمصابون بالتوحد قد يواجهون مشاكل عدة بالتواصل الجسدي والتعبير الشفهي، لذلك من الضروري على الآباء والأشخاص المحيطين تخمين ما يرغب به طفلهم المصاب لمعرفة احتياجاته ورغباته، وذلك قد يتطلب في بعض الأحيان التخلي عن الحياة الاجتماعية الطبيعية للأباء بسبب صعوبة فهم الآخرين لطفل التوحد أو عدم قبوله بينهم، وترافق الصعوبة الاجتماعية التي يواجهها الآباء مشاعر عجز وحزن حول مستقبل ابنهم المصاب، لكن ورغم جميع هذه الضغوطات يجب محاولة إيجاد طرق للتخلص من التوتر والحفاظ على أسرة سعيدة، وذلك يمكن تحقيقه عند إعطاء الآباء وقت خاص من حين لآخر للاستراحة بعيداً عن واجبات العناية بابنهم المصاب، عن طريق دعم أفراد الأسرة الآخرين والقيام برعاية الطفل عدة ساعات فهذا من شأنه أن يُساعد على إعادة شحن طاقة الأبوين وزيادة قدرتهما على العودة للعناية بابنهم والحفاظ على علاقات أسرية متينة.
نصائح لأهل الطفل المصاب
وجود طفل مصاب بالتوحد في العائلة يُشكل تحدي لجميع أفرادها، ولتقليل المخاوف وزيادة القدرة على تجاوز الفترات الصعبة، ينصح باتباع بعض النصائح، وفي ما يأتي بعضاً منها:
التثقيف المعرفي: يجب على الأهل الذين لديهم طفل مصاب بالتوحد أن يقوموا بقراءة الكثير عن اضطراب التوحد وطرق التعامل معه، من مصادر علمية موثوقة، بالإضافة لزيارة المراكز والمنظمات الحكومية أو غير الربحية والتي تُعني بالتوحد لكسب المزيد من المعلومات من أهل الاختصاص، وبما أنه يوجد العديد من المفاهيم المغلوطة والخرافات حول اضطراب طيف التوحد، يجب الاضطلاع المستمر والدائم حول آخر الأبحاث العلمية التي يتم إجرائها، فإن معرفة الحقيقة والتفاصيل المختلفة التي تُحيط باضطراب التوحد تُساعد على التعامل مع الحالة وفهم الطفل المصاب بشكل أفضل.
الانضمام لمجموعات الدعم: قد يكون لمشاركة الأهل مع آخرين لديهم حالات مشابهة أثر نفسي ومعرفي كبير، لذلك ينصح بالبحث عن مجموعات وعائلات لديهم أطفال مصابين بالتوحد لتبادل الخبرات وتخفيف الضغوطات النفسية عند مشاركة المشاعر والتجارب مع حالات مشابهة، والبحث عن فريق من الخبراء الموثوق بهم من المعالجين والاخصائيين الاجتماعيين والأطباء ومعرفة أهم مراكز المساعدة الموجودة بالقرب من منطقة السكن، وأهم برامج الدعم الذي تقدمه الحكومة للمصابين بمثل هذه الحالات من الاضطرابات.
الاحتفاظ بسجلات الزيارات: مع زيارة مزودي الخدمة تُحدَّد بعض التقييمات والتقارير التي ينصح بحفظها في ملف لمراقبة التطور والتقدم في الحالة، فهذا يُساعد على أن تبقى الأمور تحت السيطرة والتنظيم. نصائح التواصل والتفاعل مع الطفل لا يوجد قواعد معينة وصارمة تحدد كيفية التواصل مع الطفل المصاب بالتوحد،
بعض النصائح التي من شأنها أن تساعد على تحقيق أفضل تواصل ممكن
التحلي بالصبر: تستغرق معالجة المعلومات عند الطفل المصاب بالتوحد وقتاً أطول من غيره، وذلك يستدعي التكلم معه بوتيرة بطيئة، والتحلي بالصبر عند النقاش أو إعطائه أمر ما.
المرونة: يواجه الأطفال المصابون بالتوحد مشاكل في إظهار مشاعرهم، لذلك قد ينتج عنهم بعض ردود الأفعال التي يجب أن تواجه بالثبات والمرونة وعدم أخذها على المحمل الشخصي.
الإيجابية: يستجيب الطفل المصاب بالتوحد بشكل أفضل عند تعزيزه بشكل إيجابي في الكثير من الأحيان، وذلك عن طريق مكافأة السلوكات الجيدة التي تنتج عنه.
التفاعل بواسطة الأنشطة البدنية: يمكن استخدام بعض الأنشطة البدنية كوسيلة للتواصل مع الطفل المصاب بالتوحد، مثل اللعب بالخارج أو الجري ومشاركته بعض الأوقات التي تُساعده على الشعور بالسعادة والاسترخاء.
القيام بإظهار الحب والحنان: يحتاج الطفل المصاب بالتوحد إلى العناق والحب مثل بقية الأطفال الآخرين، لذلك وإن لم يستطع الطفل التعبير عن مشاعره فهو ما زال بحاجة للرعاية والحب والاهتمام، ولكن يجدر الإشارة إلى أن البعض منهم لا يحبون أن يلمسهم أحد فحينها يجب احترام رغباتهم ومساحاتهم الشخصية وذلك بعدم فرض العاطفة الجسدية كالعناق عليهم.
نصائح حول النظام الغذائي للطفل
تظهر لدى المصاب بالتوحد العديد من الأعراض مثل تأخر الكلام، وضعف التواصل بالعين، وعدم الرغبة بالاحتضان، وعدم الاهتمام بمشاركة الأنشطة مع الآخرين، وهذه الأعراض قد تنعكس سلباً على عادات تناول الطعام لدى المصاب،
أهم النصائح حول النظام الغذائي للطفل:
• تجاوز الحساسية اتجاه الأطعمة: قد يكون لدى الطفل المصاب بالتوحد تحسس معين اتجاه لون أو رائحة أو طعم أو ملمس بعض أنواع من الأطعمة، وهذا الأمر قد يجعل قائمة الطعام المفضلة لديه محدودة، وغالباً ما تكون الفاكهة والخضار من الأطعمة غير المفضلة لديه، ولتجاوز هذه المشكلة ينصح بمشاركة الطفل المصاب بالتوحد بزيارة البقالة لاختيار الأطعمة التي يرغب بها، ومناقشته بكيفية إعدادها، وتجنب استخدام الضغط في حال إبداء عدم رغبته في تناول طبق ما، فالإيجابية في هذه المواقف تساعد الطفل على أن يصبح أكثر مرونة فيما بعد.
• اتباع نظام غذائي روتيني: ينصح بجعل وجبات الطعام روتينية قدر الإمكان، وتقديم الوجبات الرئيسية والخفيفة في نفس الوقت كل يوم، وذلك من شأنه أن يقلل التوتر، بالإضافة لجعل البيئة المحيطة مناسبة للطفل فإذا كان حساساً للضوء على سبيل المثال يجب تقليل الإنارة قدر الإمكان والالتزام بالهدوء، والسماح للطفل أن يتناول لوحده أو أن يجلس في مقعده الخاص إن كان يرغب بذلك.
• تجنب الإصابة بالإمساك: يُعد الإمساك من المشاكل الشائعة لدى المصابين بالتوحد ويعود ذلك لمحدودية خيارات الطعام للطفل المصاب، ولأجل ذلك يُنصح باتباع نظام غذائي غني بالألياف، وتشجيعه على ممارسة الأنشطة البدنية والإكثار من شرب السوائل والماء.
• تقليل الآثار الجانبية والتفاعلات الدوائية: تسبب بعض الأدوية التي تُستخدم للحد من أعراض مرض التوحد بانخفاض الشهية وذلك يؤدي لقلة كمية الطعام اليومي التي يتناولها الطفل مما يؤثر سلباً في نموه، وفي المقابل يوجد بعض العلاجات الدوائية التي قد تزيد من شهية الطفل، وبعضها الآخر قد يؤثر في عملية امتصاص الفيتامينات والمعادن في الجسم، لذلك يجب الاستفسار من قبل الطبيب المعالج حول إمكانية حدوث مثل هذه الآثار الجانبية وأفضل النصائح والطرق للتقليل منها.
نصائح لتحسين نوم الطفل
يواجه أكثر من نصف الأطفال المصابين بالتوحد من مشاكل النوم المزمنة، وتؤدي هذه المشاكل لزيادة التحديات السلوكية التي يمر بها الطفل، فإن قلة النوم وضعف جودته تؤثر في قدرة المصاب على التعلم، وتفاقم بعض السلوكيات السلبية مثل فرط النشاط وعدم التركيز والانتباه وزيادة العدوانية، ولكن هنالك بعض الطرق والنصائح التي تساعد على تحسين النوم، وفيما يأتي بعضاً منها:
إيجاد بيئة مناسبة للنوم:
بما أن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم مشاكل حسية خاصةً اتجاه الضوضاء، لذلك ينصح بتجهيز غرفة للنوم تكون هادئة بعيدة عن الأصوات والضوضاء، ومظلمة وباردة بشكل مناسب.
القيام باتباع روتين قبل النوم:
ينصح باعتماد روتين سهل وقصير نسبياً قبل النوم لا تتجاوز مدته 20 إلى 30 دقيقة، مثل ممارسة نشاط معين كالاستماع للموسيقي أو القراءة، كما يجب الابتعاد قدر الإمكان عن الأجهزة الإلكترونية كالتلفاز وغيره.
الامتناع عن تناول الكافيين:
حيث يتواجد الكافيين في الشاي والمشروبات الغازية والشكولاتة إضافة إلى القهوة، لذلك يجب الابتعاد عن تناول هذه المواد الغذائية وخاصةً قبل ساعات من الذهاب للنوم، لإن الكافيين يجعل الطفل في حالة تأهب وُيصّعب عليه في النوم.
النوم والاستيقاظ في وقت محدد:
يجب أن يتم جدولة أوقات النوم والاستيقاظ في أوقات محددة، وعدم الإخلال بمواعيد النوم بشكل كبير بين أيام الإسبوع وأيام العطل.
التمرين وبذل الجهد:
يمكن أن يساعد التمرين وبذل الجهد أثناء النهار على تسهيل عملية النوم للأطفال، لذلك ينصح بممارسة نوع من الرياضات خلال النهار ويجدر الإشارة إلى ضرورة عدم ممارسة الرياضة بالقرب من الوقت المحدد للنوم لإن ذلك من شأنه أن يُصّعب على الطفل النوم.
نصائح الخروج من المنزل
لتقليل التوتر الذي قد يحصل عند الخروج مع الطفل المصاب بالتوحد، ينصح باتباع بعض التعليمات التي قد تساعد الأهل على الخروج من المنزل والعودة بهدوء، وفيما يأتي بعضاً منها:
• التجهيز المسبق، وتحضير حقيبة خاصة للطفل تحتوي على بعض الأدوات التي يفضلها.
• استخدام بعض الصور والشروحات التي توضح للطفل ما يمكن أن يتوقعه خارج المنزل.
• إنشاء جدول للأنشطة التي يستمتع بها الطفل خارج المنزل.
• المحافظة على الهدوء وضبط ردات الفعل في حال حدوث أمر غير متوقع.
نصائح لتأمين بيئة مناسبة للطفل
يجب تأمين بيئة منزلية مناسبة للطفل المصاب بالتوحد، ولتحقيق ذلك يمكن اتباع النصائح الآتية:
• تجهيز مساحة خاصة في المنزل: حيث يمكن للطفل أن يسترخي ويشعر بالأمان بها، وأن تكون معدة بطريقة آمنة على الطفل وخاصةً إن كان يعاني من نوبات الغضب أو يمارس بعض السلوكيات الخطرة والضارة، ويمكن تحديد هذه المساحة عن طريق وضع علامات بالشريط الملون تشير إلى المنطقة الآمنة الخاصة به.
• ضبط ردات الفعل: فإن طريقة التفاعل مع تصرفات الطفل المصاب بالتوحد أمر في غاية الأهمية، ويجب تعلم كيفية الثبات والتعامل بأسلوب صحيح مع السلوكيات الصعبة التي يمارسها، ولأجل ذلك ينصح بالتعرف على ما يفعله المعالجون المختصون واتباع هذه الأساليب في المنزل.
• تعزيز السلوك الجيد: يمكن للتعزيز الإيجابي أن يكون له تأثير هائل على الأطفال المصابين بالتوحد، لذلك ينصح بمدحهم باستمرار عندما يتصرفون بطريقة جيدة أو عندما يتعلمون مهارة جديدة.
نصائح أساسية يمكن تقديمها لمربية الطفل المصاب بالتوحد أو معلمته لتساعدته على التعلم في الغرفة الصفية:
• التواصل مع الأم: حيث يمكن طلب المساعدة من الأم لتقدم المساعدة حول كيفية التعامل مع الطفل،ومساعدته،ومعرفة اهتماماته.
• اكتشاف نقاط قوة الطفل: فلكل طفل نقاط قوة تميزه عن الآخرين، والمعلمة الذكية تحاول التعرف عليه، والاستفادة منها في تعليمه، وذلك من خلال مراقبة الطفل وإيلائه بعض الاهتمام.
• اكتشاف الطريقة المُثلى لتعلّم الطفل: فبعض الأطفال يفهون أكثر باستخدام وسائل تعليمية بصرية أو حسية.
• طلب المساعدة من معلمة أخرى: حيث يمكن للمعلمة أن تطلب المساعدة من معلمة أخرى لمساعدتها على إدارة الصف وباقي التلاميذ، في حين تتمكن هي من قضاء بعض الوقت الخاص مع الطفل المصاب بالتوحد لتعليمه والتواصل معه بطريقة أفضل.
• الحرص على شعور الطفل بالأمان: وإدارة الغرفة الصفية بحيث تضمن جواً هادئاً فيها، كما يمكنها أن تخصص بقعة صغيرة يمكنه الجلوس فيها إذا عمت الفوضى والإزعاج الغرفة الصفية.
° ملخص حول مرض التوحد يعّرف مرض التوحد على أنه اضطراب مرتبط بعملية تطور النمو العصبي للدماغ والتي تؤثر في طريقة تواصل الشخص المصاب مع الآخرين وقدرته على الإدراك بصورة طبيعية، والذي من شأنه أن يؤدي لمشاكل عدة في عملية التفاعل والاندماج الاجتماعي، وظهور مجموعة من الأعراض والمشاكل السلوكية المختلفة، غالباً ما تبدأ أعراض التوحد خلال السنة الأولى من عمر الطفل وتتطور الأعراض بشكل أوضح عند بلوغه عمر 18-24 شهر، وقد يُعاني الطفل المصاب بالتوحد من المشاكل الاجتماعية سواءاً في المدرسة أو لاحقاً في العمل لصعوبة اندماجه مع المجتمع المحيط به مما يؤثر بشكل سلبي في آدائه اليومي، ولكن يجدر الإشارة إلى أن الأعراض تتفاوت بشكل كبير بين المصابين بالتوحد فبعض الأطفال والبالغين المصابين به قادرون على أداء المهام والأنشطة اليومية بسهولة، وفي المقابل يحتاج البعض الآخر إلى دعم كبير لأداء المهام اليومية الأساسية، وقد أشارت العديد من الدراسات بأن التوحد يمكن أن يصيب كلاً من الذكور والإناث ولكن وجد أن نسب احتمالية الإصابة لدى الذكور أعلى منها عند الإناث.
وعلى الرغم من أن الأسباب الدقيقة خلف الإصابة بالتوحد ما زالت غير معروفة إلا أنه يوجد العديد من الأبحاث التي أشارت إلى دور الجينات التي تعمل مع بعض العوامل البيئية فتؤدي بطريقة ما للإصابة به، بالإضافة إلى بعض عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة بالتوحد، مثل وجود أخ مصاب، أو الإصابة ببعض الحالات الوراثية، أو انخفاض الوزن عند الولادة،
ومن الجدير بالذكر أنه لغاية الآن لم يتم الوصول لعلاج نهائي وفعال لحالات التوحد، إلا أنه من الممكن أن يتم اتباع خطة علاجية تُساعد الطفل المصاب على تحدي وتجاوز الأعراض والوصول إلى إمكانيات وقدرات كاملة، ويجب التنويه إلى أهمية اتباع خطط علاجية مناسبة حيث أن لكل حالة خطة علاجية تختلف عن غيرها اعتماداً على عدة عوامل أهمها عمر الطفل وتشخيصه والعوامل الفردية ومشاكله الطبية وظروفه الصحية.
Views: 6