من الطبيعي أن يرتكب الإنسان في حياته بعض الذنوب البسيطة التي تُغضب الله سبحانهُ وتعالى في حال لم يقدم التوبة المخلصة عن طريق أداء العبادات والتوجه بالدعاء، ولكن هناك بعض الأنواع من الذنوب الكبيرة تُسمى بـ الكبائر في الاسلام، التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في العديد من الآيات الكريمة، ووعد مرتكبيها بأشد أنواع العذاب والعقاب، فيما يلي سنتعرّف على هذهِ الكبائر المُحرمة، والتي ورد ذكرها في الدين الإسلامي.
مفهوم الكبائر في الإسلام
عرّف العلماء الكبيرة بما يأتي:
المعصية التي عليها عقوبة دنيوية: الكبيرة هي ما كانت حراماً محْضاً ورتّب عليه الشّرع عُقوبةً بنصٍّ قاطعٍ إمّا في الدُّنيا؛ كالقتل والسرقة، أو في الآخرة، وقال الإمام الماورديّ: إنّ الكبيرة هي التي توجبُ الحدّ، كما جاء عن الإمامِ أحمد أنّ الكبيرة ما أوجبت حدّاً في الدُّنيا،ومن هذه الكبائر
الزّنا.
المعصية التي عليها وعيد في الآخرة: الكبيرة أيضاً هي الذُّنوب والمعاصي التي جاء فيها وعيدٌ في الآخِرة من عذابٍ أو غضبٍ أو لعنٍ من الله -تعالى- ورسوله لِفاعلها، وقال بعض العلماء هي ما جاء فيها الوعيد لِفاعلها بالنّار والعذاب إمّا في الكِتابِ أو السُنّة.
ويرى الغزاليّ أنّ الكبيرة هي المعصية التي يفعلُها الإنسان من غير خوفٍ، أو حذرٍ، أو ندمٍ؛ كالمتهاون بارتكابها والمُتجرِّىء عليها بعادته،
وأمّا الواحديّ فذهب إلى أنَّ الكبائر ليس لها حدٌّ واضح أو معلوم، وقد أخفاها الله -تعالى- عن عباده؛ لكي لا يتجرّؤوا على معصيته، ولكي يبتعدوا عن جميع المعاصي
الفرق بين الكبائر والصغائر
وضَع العُلماء بعض الضّوابط التي يُمكن من خلالها التّفريق بين الصغيرة والكبيرة، ومنها ما يأتي: الكبيرة أعظم مفسدة من الصّغيرة.
الكبيرة من توعّد اللهُ -تعالى- فاعلَها بالعذاب واللّعن والعذاب الشّديد، والصّغيرة خلاف ذلك، فهي كلّ ذنب لم يقترن بوعيد أو حدٍّ أو لعْنٍ.
الكبيرة ما كان تحريمها تحريم المقاصد؛ كفعل الزّنا، أو التّعامل بالرّبا، وأمَّا الصّغائر ما حُرّم بتحريم الوسائل؛ كالنّظرة المُحرمة.
الكبيرة هي الذّنوب التي خُصّصت ببعض الأحاديث النبويّة؛ كالشرك بالله -تعالى- وغيرها ممّا صرّح النبيّ بأنها من الكبائر.
ما هي كبائر الذنوب؟
كبائر الذنوب بالترتيب هي:
- عقوق الوالدين.
- إفطار يوم في رمضان.
- منع الزكاة المفروضة.
- الزنا.
- اللواط.
- شهادة الزور.
- لعب القمار.
- شرب الخمر.
- الكذب على الله تعالى.
- النميمة.
- نشوز المرأة عن زوجها.
1- عقوق الوالدين:
لقد حثّ الله على إطاعة الوالدين وتقديم العون لهم في الكبر، واعتبر عقوق الوالدين من أكبر الذنوب التي نهى عنها حيثُ قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحسانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قوبًا كريمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صغيرًا).
وقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد).
إقرأ أيضاً: آيات وأحاديث نبوية شريفة عن بر الوالدين
2- إفطار يوم في رمضان:
إنّ صيام شهر رمضان المبارك هو أمر واجب على كل مسلم، ولا يجوز الإفطار فيهِ إلّا في حال وجود عذر شرعي، لهذا فإنّ كل إنسان يفطر في رمضان من غير أي عذر شرعي لا يُعادلهُ صيام الدهر كلهُ، حيثُ قال الله تعالى في آياتهِ الكريمة:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
3- منع الزكاة المفروضة:
إنّ كل الأشخاص الذين يمنعون الزكاة المفروضة عليهم، ولا يُخرجونها، سيُعذبهم الله تعالى، ولن يتقبل منهم التوبة، حيثُ قال في آياتهِ الكريمة (وَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ).
4- الزِنا:
حيث قال الله تعالى (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سبيلًا).
كما وقال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ).
5- اللواط:
يُعتبر اللواط في الشريعة الإسلامية من أشنع المعاصي والذنوب، ومن الكبائر التي يهتز لها عرش الله جل جلاله ويستحق مرتكبها القتل، حيث قال الله تعالى في آياتهِ الكريمة (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ).
كما وقال الرسول الكريم: (مَنْ جَامَعَ غلامًا جَاءَ جُنُبًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنَقِّيهِ مَاءُ الدُّنْيَا وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ جَهَنَّمَ وَ سَاءَتْ مصيرًا).
6- شهادة الزور:
لقد اعتبر الله تعالى شهادة الزور من الكبائر المحرمة في الإسلام، حيثُ قال: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
وقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وقول الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت).
7- لعب القمار:
وهي من الكبائر التي حذر الله تعالى المسلم من الاقتراب منها، حيث قال في آياته الكريمة: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
8- شرب الخمر:
يُعتبر الخمر من الكبائر التي حرّم الله تعالى المسلم شربها، حيثُ قال في آياتهِ الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
كما وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في حديثهِ الشريف: (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها).
9- الكذب على الله عزّ وجل:
يُعتبر الكذب من أشنع الأعمال التي من الممكن أن يقوم بها الإنسان المسلم، ولقد نبه الله تعالى الإنسان في الابتعاد عن هذهِ العادة السيئة، حيثُ قال في آياتهِ الكريمة:
(وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ).
كما وقال الرسول الكريم: (من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار).
10- النميمة:
النميمة هي من الكبائر وهي حرام على جميع المسلمين، وقد تظاهرت على تحريمها الدلائل الشرعيّة من الكتاب والسنة النبوية الشريفة، حيثُ قال الله تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ).
وقال الرسول الكريم لما مرّ بقبرين (إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة).
11- نشوز المرأة عن زوجها:
حيث قال الله تعالى في آياته: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سبيًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عليًا كَبِيرا).
كما وقال الرسول الكريم (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح).
Views: 4