شخصياة تاريخية

معلومات عن الشاعر الاديب الجاحظ

                الجاحظ

الجاحظ  هو

أَبُو عُثْمَانْ عَمْرُو بْنْ بَحْرْ بْنْ مَحْبُوبْ بْنْ فَزَارَة اَللَّيْثِي اَلْكِنَانِي اَلْبَصَرِيَّ المعروف بِالْجَاحِظِ أديب عربي كان من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، ولد في البصرة وتوفي فيها

نشأة وحياة الجاحظ

عاش الجاحظ قرابة المئة عام وكان العصر الذي عاش به عصر ازدهارٍ لكافة العلوم العربيّة والإسلاميّة، فقد تبوّأت اللغة العربية مكانة رفيعةً في تلك الفترة، كما نشطت حركة الترجمة والنقل عن الثقافات الأجنبيّة، وقد شهدت الدولة الإسلاميّة أيضًا نهضةً ورقيّاً في كافة ميادين الحياة، ويعود الفضل في ذلك التقدم والازدهار للخلفاء والوزراء، كما انتشرت الأسواق الأدبية التي كانت تُقام فيها حلقات الشعر ويُعرض فيها كلّ جديد في اللغة والأدب مثل سوق المربد.

كان الجاحظ ذكياً جداً وصبوراً على طلب العلم، وقد تتلمذ على أيدي فحول العلم والأدب حينذاك، فقد أخذ اللغة والأدب عن الأصمعي، وأبي عبيدة، وأبي يزيد الأنصاري، والنحو عن الأخفش، والحديث عن حجاج بن محمد، وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة، ثمّ تثقف ثقافة الاعتزال وكان أهم أستاذ له في ذلك النظّام، فكان المعتزلة يهتمون بالاطلاع على الديانات الأخرى ومعرفتها جيداً لأنّهم جعلوا من أنفسهم دعاةً للإسلام، وكانوا يعتقدون أنّ عليهم أن يكونوا على معرفة تامة بدينهم وبالديانات الأخرى، فدرسوا الفلسفة اليونانية لأنّ أعدائهم كانوا قد اتخذوها وسيلةً للدعوة إلى دينهم، لذا درسوا ثقافة أرسطو وما فيها عن علم الحيوان، وصبغوها بطابعهم الديني.

الجاحظ والقراءة

الجاحظ شديد الولع بالقراءة والمطالعة، حتى أنّه كان يستأجر دكاكين الوراقين ويبيت فيها للقراءة والدراسة، وقد اندمج في الحياة الواقعيّة واستفاد منها، وتنوّعت المواضيع التي درسها وكتب فيها، ومنها الحيوانات والنباتات، وقد كان لاندماج الجاحظ في المجتمع واختلاطه بكافة فئاته ومجالسته للأدباء والشعراء والملوك والأمراء الأثر الواضح في تنمية معرفته وزيادة تجاربه

 سبب تسمية الجاحظ بهذا الاسم:

لماذا سمي الجاحظ بهذا الاسم نسب ومولد الجاحظ ينتسب الجاحظ إلى بني كنانة فهو بصريٌّ، وقد نشأ عصامياً معتمداً على نفسه في كسب رزقه، كما أحبّ العلم واللغة والأدب فتعلم على أيدي العلماء البصريين وكان واسع الثقافة والعلم، فجمع مختلف ضروب الثقافة والعلم في زمانه، أما تاريخ ولادته فلم يحدده المؤرخون بدقة، كما أنّه هو نفسه كان لا يعلم ذلك التاريخ، وقد روى ياقوت أنّه وُلد سنة 150هـ مستنداً إلى خبر للجاحظ نفسه الذي جاء فيه: (أنا أسنّ من أبي نواس بسنة، وُلدت في أول سنة خمسين ومائة وهو ولد في آخرها) .

علم وثقافة الجاحظ

كان الجاحظ في بداياته يعيش حياةً بسيطة، فقد نشأ في طبقةٍ اجتماعيةٍ فقيرةٍ مكتسبًا قوته من عمل يديه، ورغم ذلك فهو لم يترك العلم والمطالعة، فكان يعمل ويتعلم في آنٍ واحد، وكان يحضر الدروس في المسجد، ثمّ اتصل بالشيوخ والأئمة آنذاك وأخذ عنهم كما سبق الذكر، كما خالط أعلام الترجمة والكتابة وقرأ ما تيسر له من الكتب المترجمة أيام المنصور والرشيد والبرامكة والمأمون، ومن الجدير بالذكر أنّ المكتبات العامة لم تكن متوفرة في تلك الفترة أي في أواخر القرن الثاني للهجرة، كما كانت الكتب نادرة وغالية جداً، فلم تكن إمكانيات الجاحظ المادية تسمح له بشرائها، لذا كان يحصل عليها عن طريق أساتذته وأصدقائه الذين كانوا يضعون مكتباتهم تحت تصرفه. اشتملت ثقافة الجاحظ على كافة العلوم المعروفة في عصره، فدرس المنطق والفلسفة والرياضيات والطبيعيات والسياسة والأخلاق والفراسة، وقد أبدع فيها جميعها، وتكوّنت لديه ثقافة متنوعةٍ وغزيرةٍ، وحين ذاك انتقل إلى بغداد ليزيد من معرفته واطلاعه، ثمّ اتصل فيها بالكبار من رجال الدين وعلماء اللغة.

من اغزر المؤلفين : 

اعتبر الجاحظ من أغزر المؤلفين إنتاجاً، فكتب عن الأدب والشعر والديانات والعقائد، والإمامة والنبوة، والمذاهب الفلسفية، وبحث في السياسة والاقتصاد والأخلاق وطبائع الأشياء، وتكلم عن العصبية وتأثير البيئة، ونظر في العلوم التاريخية، والجغرافية والطبيعة، فكتب في المدن والأمصار والمعادن وجواهر الأرض، والكيمياء والنبات والحيوان، والطب والفلك، والموسيقى والغناء وكتب في الجواري والغلمان، والعشق والنساء، والنرد والشطرنج، وغير ذلك مما يتناول الحياة الاجتماعيّة والأدبيّة والعلمية في عصره وقبل عصره .

العلماء والشيوخ الذين أخذ عنهم الجاحظ: 

 قال  أبو الحسن الدهماني: (لا ريب أن للجاحظ علماء وشيوخ، أخذ عنهم العلم في شتى فروعه، فقد سمع من الأصمعي وكان كثير الرواية عنه، وأبو عبيدة عمر بن المثنى، وأبي زيد الأنصاري، وأخذ النحو عن أبي الحسن الأخفش، وكان صديقه، وأخذ الكلام عن النظام، ثم إنه تلقف الفصاحة من العرب شفاهةً بالمربد، وكذلك أخذ عن أستاذ الأصمعي خلف الأحمر، الذي اشتهر برواية الشعر ونحله، وكان الجاحظ معجب بخلف كثيراً، رغم أنّه لم يجالسه إلا قليلاً، فقال الجاحظ في ذلك: (لقد جلست إلى أبي عبيدة، والأصمعي ويحيى بن نجيم، وأبي مالك عمرو بن كركره، مع من جالست من رواة البغداديين، فما رأيت أحداً منهم قصد إلى شعر في النسيب فأنشده، وكان خلف يجمع ذلك كله)، ثمّ إنّ الجاحظ كان قد اكتسب الثقافة اليونانية عن طريق علماء الكلام، وعن طريق مصاحبته لحنين بن إسحق وسلمويه)

نزعة الجاحظ العقليّة

امتازت مدينة البصرة في العصر العباسي بنزعتها العقلية في مختلف الميادين، والتي قامت على تحكيم العقل في الأمور مثل أسطورة أو قول مأثور أو عقيدة أو حتى حقيقة، وتقبُّل ما قد يصل إليه العقل حتى وإن خالف هذا ظنه أو اعتقاده، وكان من الطبيعي أن يتأثر الجاحظ بهذه النزعة خاصة مع قابليته الطبيعية المهيئة لذلك نتيجة للظروف البيئية التي عاشها، فقد كان كثير المطالعة والقراءة، محبّاً للاطلاع على كل علمٍ، فلم يكن يقع بين يديه كتاب إلا وقرأه.

أبرز مؤلّفات الجاحظ

كتب الجاحظ في كافة العلوم وفنون الأدب المعروفة في زمانه، كما أنّ كتبه تجمع بين العلم والفائدة والبراعة في التعبير وسحر البلاغة في الأسلوب، كما يجد القارئ متعة في قراءتها لما فيها من تشويق ونوادر وسخرية، ويقال إنّ الجاحظ هو أول من بدأ التأليف في الأدب وعلى نهجه سار الأدباء والمؤلفون، كما تعتبر مؤلفات الجاحظ التي تعدّ بالمئات مراجع مهمة فلولاها لاندثر الكثير من أدب العرب، وقد وردَ في مقدمة كِتاب التاج أن الجاحظ ترك نحوًا من ثلاثمائة وستين مؤلَّفًا رآها سبط ابن الجوزي كلها تقريبًا في مشهد أبي حنيفة النعمان ببغداد. أما أبرز مؤلفات الجاحظ فهي كالآتي:

اولا كتاب الحيوان

هو أوّل كتاب جامعٍ وضع في علم الحيوان والذي يتكون من سبعة أجزاء ويبحث عن طبائع الحيوان وما ورد فيه من الأخبار والقصص والنوادر والخرافات والفكاهة والمجون، والذي تحدث فيه الجاحظ عن العرب، وأحوالهم، وأخبارهم، وأشعارهم، إضافةً لما قام به من تجاربٍ  بنفسه

ثانيا كتاب البيان والتبيان

تناول الجاحظ في هذا الكتاب موضوعات متفرقة، مثل علم الأدب والبيان، وفنّ القول، ووجوه البلاغة والفصاحة، وآفات اللسان، وميّز بين عيوب الناس في النطق مثل اللثغة واللكنة والحصر والعيّ، كما خصص باباً واسعاً للخطابة لأنّها كانت في عصره رمزاً للفصاحة والبلاغة، وطريقة من طرائق الجدل وعلم الكلام

ثالثا كتاب البُخلاء

كتاب البُخلاء هو كتاب علم وأدب وفكاهة، وهو عبارة عن وصف للحياة الاجتماعيّة في صدر الدولة العباسيّة، بأسلوبه المعروف ببيانه الجزل الرصين، كما أضفى عليه من روحه الخفيفة، فأخبر في كتابه عن أسرار البيوت وخفاياها، وأحاديث الناس في أمورهم الخاصة والعامة، وكشف عن الكثير من صفاتهم وعاداتهم وأحوالهم في أوضح بيان، وأدق تعبير، وأبرع وصف، وقد يبدو للوهلة الأولى أن الجاحظ كان قد كتب كتاب البخلاء وهو في سنّ الشباب، وهو سنّ العبث والسخرية والتندر والتفكّه في عيوب الناس، لكن ما يظهر في الكتاب من أخبار يقود إلى أنّه كتب الكتاب أو جمعه وهو هرِم يحمل فوق كتفيه أعباء السنين.

رابعا كتاب التّاج في أخلاق الملوك

اشتهر هذا الكتاب باسم (أخلاق الملوك)، وقد وضعه الجاحظ أيام كانت بغداد عاصمة الخلافة العباسيّة وقبّة الإسلام، أيام كان العراق مزدهراً بالعلوم والمعارف، وكان طلاب العلم والآداب يقصدون مُدنه وقراه، فيروي هذا الكتاب قصصاً نادرة عن حياة الملوك والأمراء في عصرالجاحظ ويقدم فيه أسلوب حياتهم، وقد وصف فيه الخلفاء والأكابر في حفلاتهم الرسمية وحشودهم العامة إلى ما هنالك من طرائف ملوكية وترتيبات سياسية اقتبس العرب بعضها من الفرس خاصة في عهد المأمون، وفي الكتاب يظهر التأثير الكبير للحضارة الفارسية في الحضارة الإسلاميّة على عهد العباسيين.

خامسا رسائل الجاحظ

رسائل الجاحظ هي من الآثار الأدبيّة الشهيرة التي انتشرت قديماً وحديثاً وطُبعت عدة مرات، وشرحها علماء معروفون، وهي مجموعة من الرسائل النادرة التي تبحث كلّ واحدة منها في موضوع واحد بعمقٍ واستفاضةٍ تثير الإعجاب والتقدير لهذا العقل الجبار

شيخوخة ووفاة الجاحظ

الجاحظ لم يتزوج  ابدا   و قدر  أن يعيش طويلاً فقد قلب الأيام وقلبته، ونهل من تجاربها ما أغنى علمه وفكره، لكنّ المرض هدّه في شيخوته، فقد أصيب بالفالج، وفي هذا كان يقول: (اصطلحت على جسدي الأضاد، إن أكلت بارداً أخذ برجلي، وإن أكلت حاراً أخذ برأسي، وكان يقول أنا جانبي الأيسر مفلوج، فلو قرض بالمقاريض ما علمت به، ومن جانبي الأيمن منقرس فلو مر به الذباب لألمت، وبي حصاة لا ينسرح لي البول معها، وأشد ما علي ستٌ وتسعون سنة)، وقد مات الجاحظ وفق القصة المشهورة تحت كتبه التي انهارت عليه، وقد توفي الجاحظ في محرم سنة خمس وخمسين ومائتين بالبصرة عن عمر يناهز خمس وتسعين سنة ونيف رحمه الله

وفاة الجاحظ

توفي الجاحظ عندما وقعت عليه مجلدات من الكتب؛ وقد وُجد الكتاب على صدره، وذلك في البصرة عام 255هـ / 869م. 

ويقال أنّه أُصيب بالفالج؛ فاعتزل الكثير من النّاس، وظلّ في فراشه سنين طويلة حاول في بدايتها الاستمرار في الكتابة إلّا أنّه انقطع عنها في النهاية، واستمرّ به المرض حتّى توفي.

Views: 1

شاركنا رأيك بما رأيت